وإن كنت في ريب مما ذكرنا فافرض شيئا واحدا يعلم بتعلّق أحد الخطابين به كما إذا فرضنا مائعا يعلم بأنّه إمّا نجس أو مال الغير فهل ترى من عقلك التّرخيص في شربه؟ حاشاك ثمّ حاشاك ، بل تراه حاكما ـ من غير تزلزل وريبة ـ بوجوب الاجتناب عنه. وليس الفرق بينه وبين المقام إلاّ تردّد متعلّق الخطابين بين الأمرين أو الأمور ، والمفروض عدم قدح هذا التّردد عند هذا القائل ، وإنّما المانع عنده تردّد نفس الخطاب على ما عرفت من استدلاله ، ولذا التزم بعدم الجواز فيما كان الخطاب غير مردّد بين الخطابين. مع أنّ ما ذكره وجها للجواز في المقام يجري في الفرض أيضا.
وقد اتّفق لي مناظرة مع بعض هؤلاء في المسألة وكان يلتزم في طيّ كلامه بالجواز في الفرض أيضا وهو كذلك على ما عرفت من عدم تعقل الفرق مع أنّك قد عرفت : أنّ بداهة العقل شاهدة بالقبح في الفرض.
(٨٩) قوله : ( كما يظهر من كلماتهم في مسائل الإجماع المركب ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٩٤ )
أقول : هذا الاستشهاد إنّما هو بالنّسبة إلى ما ذكره بقوله : « بخلاف الشّبهات الحكميّة » (١).
فإنّ كلماتهم عدا شاذّ منهم متطابقة على عدم جواز الرّجوع إلى الأصل فيما يستلزم منه طرح الحكم المعلوم بالإجمال هذا.
ثمّ الوجه في هذا التّفصيل يمكن أن يكون دعوى الفرق في حكم العقل
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٩٤.