وهذه كما ترى خارجة عن الفرض بأسرها فلا يقاس عليها. هذا كلّه لو كان الوجه في التّفصيل المذكور ما عرفته منّا. وأمّا لو كان الوجه فيه ما عرفته عن الأستاذ العلاّمة فقد عرفت ما فيه.
وأمّا الوجه الرّابع ، ففيه :
أوّلا : أنّا لا نعقل معنى لما ذكر ، فإنّه إن كان المراد ـ من رجوع الخطابات إلى خطاب واحد فيما كانت متّحدة بحسب النّوع ـ أنّ معصية كلّ منها معصية لمطلوب الشّارع ، ففيه : أنّ الأمر كذلك فيما إذا اختلفت بحسب النّوع.
وإن كان المراد أنّها تؤول إلى خطاب واحد بفعل الجميع حقيقة ـ بمعنى كونها خطابا واحدا بحسب نفس الأمر مثل ما إذا ورد عموم أصولي في قوله أكرم العلماء ـ ففيه ـ مضافا إلى أنّه لا شاهد له ـ : أنّه غير معقول.
وإن كان المراد من رجوعها إلى خطاب واحد أنّه ينتزع منها خطاب واحد لم يرد من الشّارع أصلا ففيه ـ مضافا إلى أنّه لا عبرة به بعد البناء على متابعة الخطاب التّفصيلي في الحكم بوجوب الإطاعة ؛ فإنّ المراد منه الخطاب الوارد من الشّارع لا ما ينتزعه المكلّف ـ : أن هذا يجري بعينه فيما إذا اختلفت الخطابات بحسب النّوع بأن يقال : المراد منها وجوب الاتّقاء ممّا طلبه الشّارع في ضمن الخطابات التّفصيليّة من الفعل أو التّرك فتدبّر.
والقول بثبوت الفرق بين الانتزاعين من حيث كون أحدهما أبعد من الآخر ، فيه ما لا يخفى.
وثانيا : أنّه لا جدوى في هذا الرّجوع بعد البناء على عدم الفرق في حكم العقل بقبح المخالفة القطعيّة بين الخطاب التّفصيلي والخطاب المردّد كما عرفت مفصّلا.