(٩٤) قوله : ( ثمّ الأوّل ثمّ الثّالث ). ( ج ١ / ٩٦ )
أقول : الوجه فيما ذكره من التّرتيب في الترجيح : هو أنّه لو أغمض النّظر عن التّحقيق ودار الأمر بين الوجوه الثّلاثة ، كان الأوّل هو المتعيّن ؛ لأنّ التفصيل بكلّ من الوجهين ممّا لا وجه له في قبال القول بالإطلاق ؛ فإنّ العقل إن جوّز المخالفة جوّزها مطلقا من غير خصوصيّة عنده.
ولو أغمض النّظر عن هذا ودار الأمر بين الالتزام بالتّفصيل الثّالث والرّابع كان الأوّل هو المتعيّن ؛ لأنّك قد عرفت : أنّ رجوع الخطابات إلى خطاب واحد لم يعلم له معنى محصّل.
(٩٥) قوله : ( أمّا الكلام في الأوّل فمحصّله ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٩٦ )
أقول : لا خفاء فيما ذكره أصلا ؛ إذ العقل يستقلّ في الحكم بقبح المؤاخذة ما لم يعلم المكلّف بتوجّه الخطاب إليه ولو إجمالا. ومن المعلوم ضرورة أنّ كلاّ من واجدي المني في الثّوب المشترك ، شاك في توجّه وجوب الغسل ـ وسائر أحكام الجنب من حرمة الدّخول في المسجدين ، والمكث في المساجد ، وقراءة سور العزائم ، إلى غير ذلك ـ عليه ؛ إذ لا معنى للقول بأنّ أحدا مكلّف بالغسل إذا كان غيره جنبا وإنّما هو مأمور بالغسل إذا كان جنبا ، وبناء كلّ منهما على عدم الالتزام بأحكام الجنابة ـ وإن استلزم منه العلم لكلّ منهما بأنّ أحدهما قد خالف ما دلّ على أحكام الجنابة ـ إلاّ أنّ هذا ليس علما بأنّه خالف الخطاب (١) الشّارع بحسب العمل ؛ إذ العلم بلزوم المخالفة المانع عن الرّجوع إلى الأصل ليس إلاّ هذا العلم ، لا العلم بتحقّق المخالفة ولو من الغير ، وهذا أمر ظاهر لا سترة فيه أصلا.
__________________
(١) كذا والصحيح : خالف خطاب الشارع.