به في الشّرعيّات من حيث كون العمل عليه موجبا لدفع الضّرر المظنون وليس القول بكلّ منهما منافيا لما ذكرنا سابقا ـ من كون الظن ممكن الحجيّة في قبال العلم والشّك ـ حيث إنّ مرجع القول بالامتناع ـ كما ترى ـ إلى أنّ في التّعبّد بالخبر محذورا يوجب قبحه ، كما أنّ مرجع القول بالوجوب إلى أنّ في التعبّد بالخبر عنوانا يوجب حسنه ولزومه فلا ينافي إمكانه الذّاتي هذا.
وستقف على بعض الكلام في وجوبه ـ عند تعرّض شيخنا الأستاذ العلاّمة قدسسره له ـ فالمقصود في المقام إثبات الإمكان بالمعنى الأعمّ في قبال الامتناع ، لا الإمكان بالمعنى الأخصّ المقابل لكلّ من الامتناع والوجوب.
(١٠٩) قوله : ( إذ لا يؤمن أن يكون ما أخبر بحلّيته حراما ... إلى آخره ) (١). ( ج ١ / ١٠٦ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ مقتضى هذه العلّة ليس هو إيجاب العمل بالخبر أو
__________________
(١) قال المحقق المؤسس الطهراني أعلى الله تعالى مقامه الشريف ـ بعد أن ذكر عبارة معارج المحقّق وكلام الحاجبي في المقام ـ :
تقرير الأستاذ العلاّمة لهذا الدليل بهذا الوجه لا يخلو عن غرابة ؛ فإنك قد عرفت ما بين الخوف من الوقوع في المفسدة الذي جعله المحقق قدسسره مناطا لاستدلالهم وبين لزوم تحليل الحرام وعكسه الذي جعله الحاجبي مناطا وتبعه غيره من الفرق ، فالجمع بينهما وتعليل أحدهما بالآخر غريب فإن عدم الأمن من مخالفة الواقع لا تأثير له فيها بالضرورة وكيف يدلّ الخوف عن الشيء على تحقّقه؟!
فالخوف لا يقتضي وقوع المخوف ولا ملازم له ، مع أن العمل لا يوجب جعل الحرام حلالا وبالعكس ، والذي توهّمه الحاجبي أن محصّل الإستدلال : ان جعل الظن حجّة موجب لذلك ، ولهذا فسّر بعض الأفاضل التعبّد بإتّخاذ الشخص عبدا وصرفوه عمّا يتراءى منه من العمل بالظن انتهى. محجّة العلماء : ج ١ / ٥١.