بالعالم ما يكشف عنه الخطابات أي الإرادة النفسانية لا مدلول الخطاب وهذا غير بعيد عمّن يقول بالكلام النّفسي. فالخطاب يتعلّق بالمكلّف الملتفت الشّاعر ، وبعد العلم بمدلول الخطاب الكاشف عن الإرادة يتعلّق الحكم بالعالم ، فلا يلزم دور هذا.
وأمّا دعوى أنّ القائلين بالتّصويب إنّما يقولون باختصاص الحكم بالعالم في حقّ المتأخّرين عن زمن الخطاب لا مطلقا فلا يلزم دور ـ ففاسدة جدّا كما لا يخفى على المتأمّل.
(١٢٩) قوله قدسسره : ( الثّالث : أن لا يكون للأمارة القائمة (١) ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١١٤ )
__________________
(١) قال سيّد العروة في حاشيته على الفرائد :
قوله قدسسره [ الثالث : أن لا يكون للأمارة القائمة على الواقعة تأثير في الفعل الذي تضمّنت الأمارة حكمه ولا تحدث فيه مصلحة إلاّ أن العمل على طبق تلك الأمارة و ... إلى آخره ].
هكذا يوجد في النسخ القديمة وفي بعض النسخ المتأخرة قد أقحم لفظة « الأمر » بين أنّ وأسمها هكذا : إلاّ أنّ الأمر بالعمل على طبق الأمارة ... إلى آخره ، وكذا في كلّ ما عبّر بمثل هذه العبارة ـ فيما بعد ـ زيد لفظ « الأمر » وهو ناظر إلى جعل المصلحة في الأمر دون المأمور به ولا يخفى أن الصحيح هو الأوّل بشهادة قوله فيما بعد : « وتلك المصلحه لا بد أن تكون مما يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع ... إلى آخره ».
إذ لا ريب أن مصلحة الأمر لا يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع ولا يلزم أن يكون حكمة الأمر مصلحة راجعة إلى المكلف ، ولكن لو جعلنا الأمر تابعا لمصلحة المأمور به فلا بد من أن يكون في المأمور به ولو بعنوانه الثانوي أو العنوان الأعم من عنوان الحكم الواقعي الأولي مصلحة ، فيتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع ، ويتّضح ما ذكرنا بملاحظة كلام