إعتبار العلم معلّلا بذاته بالنّسبة الى الحكم المترتّب على متعلّقه ككشفه عنه والوجه في استكشافه عنه ـ على تقدير كون الحجّة بمعنى الوسط وسبب العلم بالشيء وان كان سببا لحصوله أيضا ـ هو ما عرفت الاشارة اليه في وجه استحالة تصرّف الشارع في العلم إثباتا ونفيا : من انّ القاطع فيما لو كان الحكم متعلّقا بالواقع يترتّب القياس قهرا ويجعل الوسط نفس الواقع لا العلم به.
ثمّ إنّ ما أفاده قدسسره : من كون إطلاق الحجة على القطع من باب التوسّع والتّسامح ممّا لا يعتريه ريب بأيّ معنى فرض للحجّة ، سواء جعل القول المركب أو الحدّ الوسط أو شيء آخر.
إلاّ انّه قد يناقش فيما أفاده في معنى الحجّة ؛ لأنّ الحجة عند أهل الميزان :
__________________
في إصطلاح الأصوليين فيتّجه عليه : أنّه قدسسره يعترف بكونها حجّة في إصطلاحهم.
إلى أن قال : لكن الظاهر أن الحجّة عند الأصوليين ليست عبارة عمّا ذكره المصنف بل إنما هي ما كان قاطعا للعذر فيما بين العبد وبين الله تعالى وهو ما لو عمل العبد على طبقه ليس لله تعالى المؤاخذة عليه على تقدير استلزام العمل به لمخالفة الواقع وإرتكاب مبغوضيته تعالى ، ولو لم يعمل به له المؤاخذة عليه على تقدير مصادفته للواقع مع تضمّنه الحكم الإلزامي.
والذي يكشف عن ذلك أن الحجة عندهم تطلق على الأمارات والأدلة والأصول العمليّة على حد سواء بحيث لا يكون إطلاقها على الأصول والأدلّة مجازا عندهم قطعا وليس ذلك لأجل اشتراكها لفظا بين الموارد الثلاثة بل إنما هو لأجل أنها عبارة عندهم عن معنى عام يصدق على كل منها على حد سواء وهو ليس إلاّ ما ذكرنا ؛ إذ لا يعقل جامع بينها غيره ؛ ضرورة أن الأصول العمليّة ليست طرقا أصلا فضلا عن كونها مبيّنة لأحكام متعلّقاتها فكيف يمكن كون ذلك جامعا بين الكل؟!
تقريرات السيّد المجدد ج ٣ / ٢٤٤ ـ ٢٤٧