سلمة قال : قرأ رجل على أبي عبد الله عليهالسلام وأنا أسمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها النّاس ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : مه! كفّ عن هذه القراءة واقرأ كما يقرؤها النّاس حتّى يقوم القائم عليهالسلام ، فإذا قام قرأ كتاب الله على حدّه وأخرج المصحف الّذي كتبه علي عليهالسلام (١).
وقد يوجّه هذا الحديث الشّريف وأمثاله ـ ممّا دلّ على ثبوت شيء آخر نقص من هذا القرآن الّذي في أيدينا ـ بأنّ المراد : إمّا نقص المعنى وتغييره إلى ما ليس مراده تعالى ، أو نقص ما فسّروا به ، يعني : أنّهم كتبوا في مصاحفهم تفسير الآيات ، وكان أصحابهم يتلفّظون بها ، فمنعوهم عن ذلك. أو أنّ أصحابهم كانوا يفسّرون الآيات بما سمعوا من أئمتهم لم يكن إظهاره صلاحا لوقتهم فأمروهم بالكفّ عن ذلك حتّى يظهر القائم ، لا أنّه كان شيء في القرآن داخلا فأخرجوه هو بعيد ) ثمّ قال : ( وهذا الحديث وما بمعناه قد أظهر العذر في تلاوتنا من هذا المصحف والعمل بأحكامه ) (٢). انتهى ما أردنا نقله من كلامه ».
وقد عرفت : أنّ المسألة بعد التّسالم على العمل حسبما عرفت مرارا كونه من ضروريّات دلالة الأخبار المتواترة حتّى المانعة من التّغيير ؛ معلّلة : بأنّ علم الكتاب عند الأئمّة عليهمالسلام ، وأنّه ما ورّثه الله غيرهم حرفا ، الصّريحة في : أنّ العلم بباطنه الّذي هو من توريث الله تعالى ـ لا العلم بظواهره الواضحة عند كل أحد ـ مختصّ بالأئمّة عليهمالسلام ؛ حيث إنّه لم يذكّر في خبر لها تعليل المنع بحدوث النّقص ، إذ
__________________
(١) الكافي الشريف : ج ٢ / ٦٣٣ باب النوادر ـ ح ٢٣ باختلاف يسير وأورده الصفّار في بصائر الدرجات : ٢١٣ ـ ح ٣.
(٢) حكاه المحقق القمّي في القوانين : ج ١ / ٤٠٣ ، وأنظر منبع الحياة : ٦٦ ـ ٦٨.