الألفاظ واللّغات. والدّال على الحكم فيهما أيضا : الألفاظ مادّة وهيئة.
كما أنّه لا ريب في انسداد طريق العلم إلى حقائق الألفاظ ومعانيها الوضعيّة غالبا ، لانحصاره في تصريح الواضع الّذي ليس له عين وأثر ، ولا التّواتر من جانبه والاستقراء القطعي المفقودين في غالب اللّغات ، وانسداد طريق الظّن الخاص الكافي بأغلب اللّغات ؛ إذ ليس الموجود بأيدينا من ذلك إلاّ قول اللّغوي ـ الّذي عرفت الكلام فيه ـ وأنّه ليس دليل على حجيّته بالخصوص.
وعلى تقدير تسليم وجود الطّريق العلمي إلى غالب اللّغات أو الظّن المعتبر بالخصوص على سبيل الإجمال ـ بمعنى ثبوتهما لبيان الموضوع والمفهوم في الجملة ـ يمنع من قيامها على بيان معاني الألفاظ بكنهها وحقيقتها تفصيلا ؛ بحيث لا يبقى شك في المصاديق من جهة الشّبهة المفهوميّة.
إذ غاية ما هناك في الألفاظ الّتي ادّعي وضوح مفاهيمها ثبوت قدر متيقّن لها يعلم بصدقه في كثير من الموارد وله أفراد واضحة ظاهرة ، حتّى في مثل لفظ الماء الّذي ذكروا كون معناه من أوضح المفاهيم العرفية ؛ فإنّه كثيرا مّا يقع الشّك في صدقه من جهة عدم الإحاطة بكنه مفهومه وحقيقته كما هو واضح. وهكذا الأمر في سائر الألفاظ الّتي تكون واضحة المعنى. بل يقال ـ في بيان معانيها ـ كونها معروفة ويكتفون بذلك فكيف حال غيرها من الألفاظ؟
ومن هنا ذكر شيخنا الأستاذ العلاّمة قدسسره ـ في « الكتاب » بعد منع الانسداد ـ : « ولكن الإنصاف : أنّ موارد الحاجة إلى قول اللّغويّين أكثر من أن تحصى في تفاصيل المعاني بحيث يفهم دخول الأفراد المشكوكة أو خروجها ، وإن كان المعنى في الجملة معلوما من دون مراجعة قول اللّغوي كما في مثل ألفاظ