ثمّ إنّ عدم إختلاف الحكم الواقعي فيما لا يكون العلم أو الظّن مأخوذا في موضوعه باختلاف المكلفين بحسب العلم والجهل والظن ممّا لا أشكال فيه ، وإلاّ لزم الخلف ، مضافا إلى لزوم التصويب الباطل عندنا بالأدلة السمعيّة ، بل بالبراهين العقلية أيضا في الجملة ببعض معانيه كما ستقف على تفصيل القول فيه انشاء الله تعالى.
وأمّا إختلاف الحكم الظاهري بحسب اختلافهم في الاحوال الثلاثة فممّا لا شبهة في جوازه في الجملة ؛ لأنّ الحاصل لكلّ مجتهد من القياس المعروف المؤلّف من الصّغرى الوجدانية وهي : انّ هذا ما أدّى اليه ظنّي والكبرى البرهانية.
وهي : أن كلّ ما أدّى اليه ظنّي فهو حكم الله في حقّي وحقّ مقلّدي هو العلم بحكم الله الظاهري.
ومن المعلوم اختلاف افهامهم في تحصيل الحكم من الأدلة الظنية ، ولذا لا يكون معنى للخطأ بالنّسبة اليه على تقدير انكشاف الخلاف بطريق القطع ، أو الظّن المعتبر ، بل بحصول أحد الادراكين ينقلب الموضوع إلى موضوع آخر.
نعم ، قد تفرض بالنّسبة إلى الحكم الظاهري أيضا كما لو فرض حكم الشارع بحجيّة شيء واقعا غير مشروط بحصول الظن منه قد جهله المكلّف أو ظنّ خلافه كما لو فرض القول بحجيّة خبر الواحد على هذا الوجه.
فتبيّن ممّا ذكرنا : أنّ الحكم الظاهري قد يكون له واقعية لا تختلف بحسب أحوال المكلّفين كالحكم الواقعي ، نعم ، لا فعلية له إلاّ بعد العلم به أو الظن المعتبر ، وقد لا يكون له واقعية ، بل يختلف باختلاف الظنون كما لو فرضنا الحجية معلّقة