على وصف الظن ، هذا بالنّسبة إلى الحكم الواقعي والظاهري بقول مطلق.
وأمّا الحكم الفعلي ، فلا إشكال في إختلافه بحسب إختلاف الأحوال ، كما هو غير مخفي على الفطن ، إلاّ أنّك قد عرفت فيما قدّمنا لك أنّ الحكم الفعلي ليس ممّا أنشاه الشارع في قبال الحكم الواقعي ، بل هو عينه ذاتا وغيره اعتبارا.
ثمّ ، إعلم أنّ الحكم الواقعي والظّاهري قد يجتمعان بمعنى وجودهما مستقلا لا تصادقهما ؛ إذ هما متباينان بالنظر إلى المفهوم كما لا يخفى ، وقد يفترقان ؛ إذ لا يمكن القول : بأنّ الأمارة المطابقة للواقع خارجة عن تحت ما دلّ على إعتبار نوعها ولا تنافي بين إجتماع الحكم الظاهري والواقعي أصلا سواء كانا متوافقين أو متخالفين كما هو قضية كلماتهم وان كان لنا فيه إشكال سيأتي في محلّه إنشاء الله تعالى.
ولكن يظهر من بعض أفاضل من تأخر : عدم إمكان اجتماعهما بمعنى : ارتفاع الاثنينيّة عنهما إلاّ في عالم العقل ، ومبنى ما ذكره على ما وقع منه من الالتباس في معنى الحكم الظاهري حيث قال في باب الاجتهاد :
« ثمّ اعلم أنّ المراد بالحكم الظاهري ما وجب الأخذ بمقتضاه والبناء عليه سواء طابق الواقع أو لا ، وبالحكم الواقعي ما كان تعلقه مشروطا بالعلم سواء حصل الشرط وتعلق أولا ، فالنسبة بينهما عموم من وجه » إلى أن قال :
« ثمّ ، الحكم الظاهري ان طابق الواقع بأن كان هو الحكم الثابت للواقعة بشرط العلم فواقعي أوّلي وإلاّ فواقعي ثانوي » (١) ، انتهى كلامه رفع مقامه.
__________________
(١) الفصول : ٤٠٩.