.................................................................................................
______________________________________________________
ثمّ قال (قدس سره) : اللهمّ إلّا أن يلتزم انفساخ ملكه عن العين بمجرّد الاستغناء ، لأنّ ملكية تزلزل ، فهو كالزيادة التي تجدّد الاستغناء عنها (١).
ووافقه عليه المحقّق الهمداني (٢) ، وهو الصحيح.
وتوضيح المقام : أنّ المحتملات في المسألة ثلاثة :
أحدها : ملكيّة ابن السبيل لما يأخذه من الزكاة ملكيّة مطلقة كملكيّة الفقراء ، فكما أنّ عروض الغنى بعد ذلك بإرثٍ ونحوه لا يستوجب الردّ ، إذ لا يخرجه عن الملك ، لعدم كونه من أسباب الخروج ولا كشفه عن خلل فيه بعد أن صدر في ظرفه من أهله ووقع في محلّه ووصل إلى مستحقّه ، ولا معنى للخروج عن الملك بلا سبب شرعي. فليكن ابن السبيل من هذا القبيل. وعليه ، فلا موجب للردّ بعد الوصول إلى البلد.
ثانيها : أن تكون الملكيّة متزلزلة ومراعاة ببقاء الوصف العنواني كما ذكره في الجواهر وقوّاه الهمداني ، فلم تكن الملكيّة مطلقة ، إذ ليس المالك هو الشخص بل الجهة ، فما دام كونه متّصفاً بابن السبيل يملك الزكاة ، وبعد زوال العنوان تزول الملكيّة ويعود المال إلى ما كان ، إذ لا تحلّ الصدقة للغني كما هو الحال في الغارمين.
ثالثها : أن لا تكون ثمّة ملكيّة رأساً لا مطلقاً ولا متزلزلاً ، وإنّما الثابت في ابن السبيل ملكيّة التصرّف بمقدار يتمكّن معه من الوصول إلى البلد ، والزائد باقٍ على ما كان من غير أن يكون منتقلاً إليه حتّى من أوّل الأمر ، إذ المستحقّ في الحقيقة هو نفس الجهة لا ذو الجهة. ووجوب الردّ حينئذٍ أظهر كما لا يخفى.
وهذا الاحتمال هو الأقوى ، لعدم نهوض دليل على تملكه للزكاة بأي من النحوين المزبورين ، ولا يقاس ذلك بالغارمين ، حيث دلّ الدليل فيه على تملّكه
__________________
(١) الجواهر ١٥ : ٣٧٧.
(٢) مصباح الفقيه ١٣ : ٥٨٨.