.................................................................................................
______________________________________________________
وبالجملة : موضوع الأمر الأوّل لم يتغيّر بالنذر ولم ينقلب عمّا كان عليه ، بل هو بعد النذر كقبلة باقٍ على إطلاقه وسريانه ، وتمام أفراد الطبيعة في الوفاء بما فيها من المصلحة شرع سواء وعلى صعيد واحد ، ولا يكاد يوجب سقوط أيّ فردٍ منها عن قابليّة الامتثال به ، والتضييق إنّما هو في موضوع الأمر الثاني ، فلو نذر أن يصلّي الفريضة في المسجد فخالف وصلّاها في الدار تحقّق الامتثال وإن حنث النذر ، فإنّ الموضوع للأمر الصلاتي طبيعي الفريضة ، والخصوصيّات الفرديّة من الزمانية أو المكانية ونحوها خارجة عن حريم المأمور به ، فلا جرم تبرأ الذمّة بالإتيان بأيّ فردٍ كان ، وتحقّق العصيان للأمر الثانوي النذري لا يستوجب خللاً في ذلك بوجه.
وعليه ، فلو خالف النذر ودفع الزكاة لمستحقّ آخر برأت ذمّته عن أصل الزكاة ، إذ الانطباق بعد البقاء على الإطلاق قهري ، والإجزاء عقلي ، وبه ينعدم موضوع النذر بطبيعة الحال ، لأنّ موضوعه دفع الزكاة ، ولا موضوع لها بعد فراغ الذمّة منها ، إذ لا معنى للامتثال عقيب الامتثال.
وأمّا الثاني : فلحديث رفع النسيان ، فإنّ مخالفة النذر تستوجب الكفّارة ، وهذا الأثر مرفوع بالحديث. هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّ الكفّارة تتبع المخالفة ليتحقّق بها الحنث ، والمخالفة تتبع كيفيّة النذر ، وحيث إنّ النذر التزام من الناذر على نفسه والالتزام لا يتعلّق إلّا بالأمر الاختياري فلا جرم يختصّ متعلّقه بالحصّة الاختياريّة الناشئة عن العمد والإرادة. إذن فالمخالفة السهويّة غير مشمولة للنذر من أوّل الأمر ، فلو دفع الناذر زكاته لغير المنذور له نسياناً لم يتحقّق الحنث لتجب الكفّارة.
والمتحصّل : أنّه لا ينبغي الإشكال في حصول الامتثال بالإعطاء لغير المنذور له نسياناً كما لا كفّارة عليه حسبما عرفت.