ولا يجوز استرداده وإن كانت العين باقية (١) ، بل لو كان ملتفتاً إلى نذره وأعطى غيره متعمّداً أجزأ أيضاً (٢)
______________________________________________________
(١) لأنّ الفقير قد ملكها بالقبض ، وقد عرفت حصول الامتثال وسقوط موضوع النذر ، فلا مجال لتداركه بالاسترداد.
(٢) أمّا الإجزاء فلمّا عرفت من تحقّق الامتثال بعد عدم استيجاب النذر للتقييد ، وأمّا الإثم فلتعمّد الحنث ، وأمّا الكفّارة فلحصول المخالفة عن التفات وإرادة ، فهو كمن تعمد الصلاة فرادى وقد نذرها جماعة في حصول الإجزاء للامتثال وثبوت الكفّارة للمخالفة ، فالإجزاء للأمر وجودي وهو الإتيان بأصل الطبيعة ، والكفّارة لأمر عدمي وهو عدم تطبيقها على الفرد المنذور ، ولا تنافي بين الأمرين بوجه.
ودعوى أنّ التطبيق على غير المنذور مفوّت للواجب فيكون حراماً ومبغوضاً فكيف يتحقّق به الامتثال؟! مدفوعة بما هو المقرّر في محلّه من عدم التمانع بين الضدّين ، ولا يكاد يتوقّف وجود أحدهما على عدم الآخر ولا العكس ، فلا مقدّميّة في البين ، بل هما متلازمان وفي مرتبة واحدة ، والأمر بالشيء لا يقتضي الأمر بملازمة ولا النهي عن ضدّه. إذن فالأمر النذري وإن أوجب تطبيق الطبيعة على الفرد المنذور لكنّه لا يقتضي النهي عن ضدّه وهو الفرد الآخر ، بل هو باقٍ على ما كان عليه من الإباحة والوفاء بالغرض الكامن في الطبيعة المقتضي لجواز تطبيقها عليه أيضاً كغيره.
وربّما يقال برجوع النذر في أمثال المقام إلى نذر عدم تفريغ الذمّة إلّا بهذا الفرد الخاصّ أو عدم تطبيق الطبيعة إلّا عليه ، فالتطبيق أو التفريغ بغيره بما أنّه مخالفة للنذر فهو حرام بل وباطل ، إذ النهي عن العبادة موجب لفسادها ، فكيف