.................................................................................................
______________________________________________________
وسادسةً : يكون قادراً على الاكتساب ، ولكنّه لم يفعل تكاسلاً ، فهو محترف بالقوّة وإن لم يتلبّس به فعلاً ، فهل تحلّ له الزكاة نظراً إلى حاجته الفعليّة ، أم لا باعتبار قوّته وقدرته على تحصيل المئونة؟
احتاط فيه الماتن ، بل اختار الجواز في الجواهر (١).
هذا ، ولا ينبغي التأمّل في الجواز فيما لو مضى وقت الاكتساب ، لكونه مؤقّتاً بوقت خاصّ ، كمن كان شغله الحملداريّة فتهاون ولم يتصدّ للمقدّمات إلى أن تحرّكت القافلة وهو فعلاً فقير لا مال له وليست له حرفة اخرى ، ومثله البنّاء الذي لم يحضر أوّل الوقت إلى أن مضت ساعة من النهار ، فإنّ هذا فقير فعلاً بالضرورة وإن كان مستنداً إلى اختياره. والظاهر خروج ذلك عن محلّ البحث.
وإنّما الكلام فيمن يكون متمكّناً من الاكتساب فعلاً ولم يتلبّس ، كالطبيب الذي يتمكّن من التصدّي للمعالجة بمعاينة المريض دقائق معدودة بإزاء مبلغ معتدّ به ، وكذا المهندس ونحوه من أرباب المهن والحرف فلم يتصدّ تكاسلاً ، وهو المراد بذي مرّة في النصوص المتقدّمة.
والظاهر عدم حلّ الزكاة له ، لعدم صدق الفقير عليه عرفاً بعد قدرته الفعليّة على الاكتساب ، نظير من يتمكّن من تحصيل الماء بشراء ونحوه فإنّه وإن لم يجده فعلاً إلّا أنّه لا يصدق عليه الفاقد للماء ، بل هو واجدٌ ، أي متمكّن منه بالقدرة على مقدّمته ، كما هو ظاهر.
مضافاً إلى دلالة جملة من النصوص :
منها : صحيحة زرارة المتقدّمة : «إنّ الصدقة لا تحلّ لمحترف ولا لذي مرّة سوّي قوّي ، فتنزّهوا عنها».
فمن كان ذا مرّة أي قويّاً متمكّناً من الاكتساب لا تحلّ له الصدقة.
__________________
(١) جواهر الكلام ١٥ : ٣١٤.