.................................................................................................
______________________________________________________
فإنّ العامّة قد رووا عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ذلك كما رواه الترمذي وقال : إنّه حديث حسن صحيح ، وكذا مالك (١). ولكن الصادق (عليه السلام) كذّبه وأنكر صدوره عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ، فيكون ذلك معارضاً لما تقدّم في صحيح زرارة من قوله (عليه السلام) : «إنّ الصدقة لا تحلّ لمحترف ولا لذي مرّة سوي».
ويندفع أوّلاً : بأنّ رواية الصدوق مرسلة لا يعوّل عليها.
وثانياً : بأنّه (عليه السلام) لم ينكر الحكم وإنّما أنكر القول فقط ، ومن الجائز عدم صدور هذه اللفظة عن النبي (صلّى الله عليه وآله) ، ولا ينافي ذلك ثبوت الحكم وأنّه (صلّى الله عليه وآله) اقتصر في بيانه على مجرّد قوله (صلّى الله عليه وآله) «لا تحلّ لغني» ، نظراً إلى صدق الغنى على ذي مرّة أيضاً ، كما قد تشير إليه صحيحة معاوية بن وهب ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) يروون عن النبي (صلّى الله عليه وآله) «أنّ الصدقة لا تحلّ لغني ولا لذي مرّة سوي» فقال أبو عبد الله (عليه السلام) «لا تصلح لغني» (٢) ، حيث أعرض (عليه السلام) في الجواب عن صحّة الرواية وسكت عن بيان ما صدر عن النبي (صلّى الله عليه وآله) نفياً وإثباتاً ، واقتصر على بيان الحكم وأنّ الصدقة لا تصلح للغني ، إيعازاً إلى شمول الحكم لذي مرّة ، لكونه مصادقاً للغني سواء أقاله النبي (صلّى الله عليه وآله) أيضاً أم لا.
وثالثاً : أنّها معارضة بصحيحة زرارة المتقدّمة ، المصرّحة بإسناد تلك الجملة إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من قبل أبي جعفر نفسه (عليه السلام) (٣).
__________________
(١) سنن الترمذي ٣ : ٤٢ / ٦٥٢ ، وانظر الموطأ ١ : ٢٦٨ / ٢٩.
(٢) الوسائل ٩ : ٢٣١ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٨ ح ٣.
(٣) الوسائل ٩ : ٢٣٣ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٨ ح ٨.