.................................................................................................
______________________________________________________
على أنّ ذلك منافٍ لحكمة التشريع ، فإنّ الزكاة إنّما شرّعت لعلاج مشكلة الفقر ودفعه عن المجتمع كما أُشير إليه في النصوص المزبورة ، ومن البيّن أنّ دفع زكوات البلد التي ربّما تبلغ الأُلوف أو الملايين لفقير واحد ولو دفعة واحدة وجعله من أكبر الأثرياء مع إبقاء سائر الفقراء على حالهم لا يجامع مع تلك الحكمة ، بل يضادّها وينافيها كما لا يخفى.
بل يمكن أن يقال بانعدام موضوع الفقر لدى دفع الزائد ، فلم يكن عنوان الفقير محفوظاً ليشمله الإطلاق على تقدير تسليم انعقاده.
وتوضيحه : أنّ الزكاة موضوعها الفقير ، فلا بدّ من فرض الفقر حال دفع الزكاة. نعم ، الموضوع هو الفقر مع قطع النظر عن الدفع ، فلا مانع من زواله المستند إلى دفع الزكاة إليه كما نطقت به النصوص ، وأمّا زواله مقارناً لدفع الزكاة إليه فهو قادح ، لانعدام الموضوع ، وقد عرفت لزوم فرضه عند الدفع. ومن ثمّ لو أصبح الفقير غنيّاً حال الدفع لعلّة اخرى كما لو فرضنا أنّ والده مات في نفس الآن الذي دفعت إليه الزكاة بالدقّة العقليّة فورث منه مالاً كثيراً في تلك اللحظة بعينها لم يجز له أخذ الزكاة إذا لم يكن فقيراً حال القبض. نعم ، في المرتبة السابقة كان كذلك ، إلّا أنّ الاعتبار بالزمان بأن يُفرض زمان هو فقير فيه ليدفع إليه ، ولم يكن كذلك ، لفرض غناه في نفس الآن الذي دُفعت إليه الزكاة.
والمقام من هذا القبيل ، إذ لو فرضنا أنّ مئونته السنويّة مائة دينار فدفع إليه مائتين دفعة واحدة فقد ارتفع فقره بإحدى المائتين ، ومعه لا مسوّغ لأخذ المائة الأُخرى ، لزوال فقره مقارناً لنفس هذا الآن ، فلم يكن فقيراً عند تسلّمه.
وهذا نظير الملاقاة للنجاسة حال تتميم القليل كرّاً بأن كانت الملاقاة والإتمام في آنٍ واحد بالدقّة العقليّة ، فإنّه لا يحكم حينئذٍ بالانفعال ، إذ المعتبر فيه حدوث