.................................................................................................
______________________________________________________
الكراهة ، ولكنّه لا يتأتّى في رواية معاوية ، للتدافع بين ما تضمّنته من التعبير بـ «لا يجوز» وبين التعبير بـ «افعل» في صحيحة ابن عبد الجبّار ، بحيث لو اجتمعا في كلام واحد وعُرض على أهل العرف تحيّروا لما يرونه من التدافع والتهافت. وقد ذكرنا في محلّه أنّ ضابط الجمع العرفي أنّ الدليلين لو اجتمعا في كلام واحد وأُلقيا على العرف لم يتحيّر أهله ، بل يرون أنّ أحدهما قرينة على المراد من الآخر لا أنّه مضادّ له كما في المقام.
والذي يهوّن الخطب أنّ الرواية ضعيفة السند ب : إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم كما في الوسائل والتهذيب فإنّ المراد به هو إبراهيم بن إسحاق الأحمري على ما صرّح به الشيخ نفسه في الاستبصار عند نقل الرواية ، وهو ضعيف متّهم في دينه لا يعمل بشيء من رواياته. ومع الغضّ وتسليم أنّه شخص آخر فهو مجهول ، فالرواية ضعيفة على كلّ حال.
فليس في البين ما عدا الصحيحتين ، وقد عرفت وجه الجمع بينهما.
فالأقوى إذن هو القول الأوّل المنافي للتحديد مع نوع كراهة في الأقل من الخمسة.
ويعتضد ذلك برواية محمّد بن أبي الصهبان ، قال : كتبت إلى الصادق (عليه السلام) هل يجوز لي يا سيّدي أن اعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة الدراهم فقد اشتبه ذلك عليّ؟ فكتب : «ذلك جائز» (١).
فإنّ الجمع بينها وبين صحيحة الحنّاط هو ما عرفت من الحمل على الكراهة.
إنّما الكلام في سندها ، فقد ناقش فيه الأردبيلي في جامع الرواة بأنّه مرسل ، نظراً إلى أنّ محمّد بن أبي الصهبان هو محمّد بن عبد الجبّار وهو من أصحاب الهادي (عليه السلام) كما يظهر من روايته السابقة ، فكيف يمكن أن يكاتب
__________________
(١) الوسائل ٩ : ٢٥٨ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٢٣ ح ٥.