.................................................................................................
______________________________________________________
ويدفعه : أنّ المراد بالغنى ما يقابل الفقر الذي من أجله كان مصرفاً للزكاة ، فبقرينة المقابلة يراد به ما يخرجه من تلك المصرفيّة ، فلا جرم يكون المقصود هو الغني الشرعي المفسّر في سائر الأدلّة بملك مئونة السنة ، دون الغنى العرفي لكي يجوز الإعطاء أضعافاً مضاعفة كما لا يخفى.
فالإنصاف أنّ الروايات المعتبرة قاصرة عن إثبات مقالة المشهور ، ولا عبرة بغير المعتبرة.
بل يمكن أن يستدلّ للقول الآخر بصحيحة أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إنّ شيخاً من أصحابنا يقال له : عمر ، سأل عيسى بن أعين وهو محتاج ، فقال له عيسى بن أعين : أما إنّ عندي من الزكاة ولكن لا أُعطيك منها ، فقال له : ولِمَ؟ فقال : لأنّي رأيتك اشتريت لحما وتمراً ، فقال : إنّما ربحت درهماً فاشتريت بدانقين لحما وبدانقين تمراً ثمّ رجعت بدانقين لحاجة ، قال : فوضع أبو عبد الله (عليه السلام) يده على جبهته ساعة ثمّ رفع رأسه ثمّ قال : «إنّ الله نظر في أموال الأغنياء ، ثمّ نظر في الفقراء فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفون به ، ولو لم يكفهم لزادهم ، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسي ويتزوّج ويتصدّق ويحجّ» (١).
حيث اقتصر (عليه السلام) وهو في مقام البيان والتحديد على ما يحتاج إليه نوع الإنسان من مؤن السنة من الأخذ بالحدّ النمط ، وهي المصاريف المشار إليها أخيراً حتّى الحجّ لجواز دفع الزكاة للحجّ بمقتضى النصوص الخاصّة كما سيجيء فلا تلزم المداقّة بحيث يتخيّل أنّ الدرهم المشتمل على ستّة دوانيق مانع عن الأخذ ، ولا تسوّغ التوسعة بدفع الأُلوف المتكاثرة بمثابةٍ يعدّ لدى العرف
__________________
(١) الوسائل ٩ : ٢٨٩ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٤١ ح ٢.