.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا على المبنى الثاني : فالأصل المزبور معارض بأصالة عدم التعلّق إلى الزمان الواقعي للبيع ، فإنّ الزكاة لم تتعلّق بهذا المال سابقاً جزماً ، ونشكّ في أنّ هذا العدم هل بقي إلى أن خرج المال عن ملكه أم لا؟ فنبني على ما كان ، ونتيجته نفي الوجوب عن البائع ، لأنّه باع في زمان لم تتعلّق به الزكاة بمقتضى الأصل. وبعد تعارض الاستصحابين وتساقطهما يرجع إلى أصالة البراءة عن الوجوب ، وقد عرفت أنّ هذا المبنى هو الصحيح ، فإنّ العلم بتاريخ التعلّق بحسب عمود الزمان لا أثر له ، وإنّما الأثر مترتّب بلحاظ الزمان الواقعي للحادث الآخر أعنى : البيع وهو مجهول حسب الفرض ، فلا فرق بين مجهول التأريخ ومعلومه في أنّ كلّاً منهما مورد لجريان الاستصحاب ، فيتعارضان حسبما عرفت.
وأمّا لو كان الشاكّ هو المشتري فلا يمكن إثبات الوجوب بتاتاً ، حتّى إذا كان زمان البيع معلوماً وزمان التعلّق مشكوكاً وقلنا بعدم جريان الاستصحاب في المعلوم ، لأنّ أصالة عدم التعلّق إلى زمان البيع لا أثر له ، إذ لا يثبت به أنّ التعلّق كان بعد الشراء ليتحقّق معه موضوع الوجوب ، لأنّ الموضوع أن يكون مالكاً حال التعلّق لا أن لا يكون تعلّق قبل أن يملك. ومعلومٌ أنّه لا يمكن إثبات أحد الضدّين بنفي الضدّ الآخر ، فاستصحاب عدم التعلّق قبل الشراء لا يثبت به التعلّق بعد الشراء.
وعلى الجملة : إنّما تجب الزكاة على المشتري إذا كان التعلّق بعد الشراء بحيث يكون حادثاً في ملكه ، ومع فرض الشكّ في التقدّم والتأخّر فليس لدينا أيّ أصل يتكفّل بإثبات ذلك ، إلّا بناءً على ما نسب إلى بعض المتقدّمين من البناء على أصالة تأخّر الحادث فيلتزم حينئذٍ بتأخّر التعلّق عن الشراء ، ولكن المقرّر في محلّه أنّه لا أصل لهذا الأصل ، بل يستصحب كلّ معدوم إلى زمان العلم بحدوثه.
إذن فلا سبيل لإثبات الوجوب على المشتري من ناحية الاستصحاب.