.................................................................................................
______________________________________________________
الموجب لهذا الاختصاص أبداً ، بل المرفوع هو مطلق قلم التشريع الأعمّ من الوضع والتكليف ، وأنّ الصبي والمجنون خارجان عن الجعل والقانون ولم يكتب لهما في دفتر الشرع بشيء.
نعم ، لا يشمل الرفع ما يلزم منه خلاف الامتنان على أشخاص آخرين كإتلاف مال الغير ونحوه من التعزيرات والضمانات ، فإنّ اشتغال الذمّة في مثلها معلوم من الخارج ، وأمّا التكاليف الإلهية المجعولة في الشريعة المقدّسة فالظاهر رفع جميعها عن الصبي ، تكليفيّة كانت أم وضعيّة ، ولأجله نلتزم بسقوط الخمس عنه وإن كان المشهور تعلّقه به كالبالغ ، لما ذكروه من عدم ورود نصّ يقتضي نفيه عنه كما ورد ذلك في باب الزكاة على ما تقدّم (١) وذلك لعدم الحاجة إلى النصّ الخاصّ بعد شمول الحديث له ، فإنّ الخمس حكم إلهي تشريعي ، فهو موضوع عن الصبي ، ومعه لا مقتضي لإخراج الولي ، بل لا يجوز ، فإنّه تصرّف في ملك الغير بلا مسوّغ شرعي ، ولعلّنا نتكلّم حول هذا البحث في محلّه بنطاق أوسع إن شاء تعالى.
وكيف ما كان ، فبمقتضى عموم الحديث الشامل للتكليف والوضع يحكم بعدم تعلّق الفطرة بالصبي كما عرفت.
هذا ، مع أنّ للمناقشة في كون الفطرة حكماً وضعيّاً تشتغل به الذمّة مجال واسع ، لقصور الأدلّة عن الوفاء بذلك ، وإنّما تفي به في زكاة المال فقط ، حيث إنّ الظاهر من مثل قوله (عليه السلام) : «في كلّ عشرين مثقال نصف مثقال» أو : «في كلّ مائتي درهم خمسة دراهم» ونحو ذلك : أنّ هذا حقّ متعلّق بنفس العين وأنّ هذا المقدار خارج عن ملك المالك فلو لم يؤدّه حتّى تلفت العين كان هذا طبعاً ديناً في ذمّته لا بدّ له من الخروج عن عهدته.
__________________
(١) شرح العروة ٢٣ : ٥ ١٠.