.................................................................................................
______________________________________________________
في الزكاة قبل الدفع بالعزل والإفراز ، لما تقدّم من عدم جواز التصرّف في العين المعزولة ما عدا الإيصال إلى صاحبها ، فإبقاؤها عند غيره وهو الغنى في المقام تصرّفٌ بغير إذن المالك ، وهو حرام.
وأمّا الدفع إليه من غير سبق العزل فهل هو محكوم بوجوب الارتجاع أيضاً؟.
اختار المحقّق الهمداني (قدس سره) العدم ، نظراً إلى أنّ المدفوع لا يتشخّص في الزكاة إلّا بقبض الفقير الواقعي المنفي حسب الفرض ، فهو إذن ماله وباقٍ تحت سلطنته ، فله الإبقاء كما له الإرجاع (١).
ولكن الظاهر الوجوب وجريان حكم العزل عليه ، والوجه فيه : أنّ المالك لا يدفع إلّا الزكاة ، كما أنّ الفقير لا يقبض إلّا العين المتّصفة بعنوان الزكاة ، فلا جرم كان الوصف العنواني ملحوظاً قبل قبض الفقير وتسلّمه ، لا أنّه يعرضه بعد القبض. وعليه ، فلدى إخراج المالك وتصدّيه للدفع ونيّته الزكاة لا مناص من تعيّن المدفوع فيها ، لتكون موصوفة بالزكاة حال تسلّم الفقير ، ومن الواضح أن نيّة الزكاة وتشخيص المدفوع فيها حاصلة للدافع فعلاً وبنحو الإطلاق من غير أن يكون مقيّداً بقبض الفقير ومعلّقاً عليه ، فهو حال الإخراج وقبيل الدفع ناوٍ لتشخيص الزكاة في المدفوع وتعيّنه فيها لا محالة ، ولا نعني بالعزل إلّا هذا. فلا يختصّ الحكم بسبق العزل خارجاً ، بل يعمّ العزل المقارن للدفع.
وعلى الجملة : فكل دفع فهو مشتمل على العزل قبله ولو آناً ما دائماً ، وليس ذلك مقيّداً بقبض الفقير الواقعي ، بل يعمّ الاعتقادي الخيالي وجداناً ، وإذا تحقّق العزل وجب الارتجاع ، كما في العزل المسبوق ، بمناط واحد ، فانكشاف عدم الفقر لا يمنع عن وجوب الارتجاع.
__________________
(١) لاحظ مصباح الفقيه ١٣ : ٥٢١ ٥٢٦.