.................................................................................................
______________________________________________________
ومن الواضح أنّ شيئاً منهما لا ينطبق على محلّ الكلام ، ضرورة أنّ الدفع ممّن عليه كفّارة ليشتري به عبداً أو يعتقه لا يعد صرفاً لا في العتق ولا في الانعتاق ، وإنّما هو دفع للصرف في الشراء الذي هو مقدّمة للعتق ، فهو من صرف الزكاة في الكفّارة لا (فِي الرِّقابِ) ، نظير دفعها للفقير بشرط أن يشتري بها عبداً ويعتقه.
فالمتّجه حينئذٍ هو التفصيل فيمن عليه الكفّارة بين الفقير وغيره ، ففي الأوّل يجوز الدفع له من سهم الفقراء فيصرفها حينئذٍ فيما يشاء من عتق أو غيره. وفي الثاني لا يجوز لا من هذا السهم لفرض كونه غنيّاً ولا من سهم الرقاب ، لعدم كونه مورداً له حسبما عرفت.
وأمّا القول الثالث : أعني : الصرف في مطلق عتق الرقبة كيفما اتّفق من غير قيد ولا شرط ، الذي اختاره صاحب المدارك ونسبه إلى المفيد وابن إدريس والعلّامة وولده وقوّاه في الحدائق (١) وإن كان له كلام في كيفيّة الصرف ، ولا يبعد أن يكون هو الصحيح فيدل عليه أوّلاً إطلاق الكتاب العزيز ، وكذلك الروايات الواردة في كون الرقاب من مصارف الزكاة ، حيث إن كلّاً منهما مطلق وخالٍ من أيّ تقييد. وقد عرفت أنّ النصوص التي استدلّ بها المشهور للاختصاص بالأصناف الثلاثة مخدوشة سنداً أو دلالةً على سبيل منع الخلوّ وكذا غيرها ، فلا تنهض لتقييد إطلاقات الكتاب والسنّة.
وثانياً : صحيحة أيّوب بن الحرّ ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) مملوك يعرف هذا الأمر الذي نحن عليه ، أشتريه من الزكاة فأعتقه؟ قال : فقال : «اشتره وأعتقه» إلخ (٢).
__________________
(١) المدارك ٥ : ٢١٧ ، الحدائق ١٢ : ١٨٣.
(٢) الوسائل ٩ : ٢٩٣ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٤٣ ح ٣.