لما صار معاوية بالأبواء في حجّته اطَّلع في بئر فأصابته اللقوة ، فقال : ... فأنا ابن بضع وستين ، فرحم الله من دعا لي بالعافية ، فوالله لئن عتب علي بعض خاصتكم ... وقد ابتليت في أحسني ، وخفت أن يكون عقوبة من ربّي ، ولولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي. (١)
أقول : وقول معاوية (ولولا هواي في يزيد لابصرت رشدي) يعلق عليه ابن حجر المكي بقوله : وقوله : ولولا هواي ... الخ ، فيه غاية التسجيل على نفسه (اي على معاوية) بأن مزيد محبته ليزيدي أعمت عليه طريق الهدى ، وأوقعت الناس بعده مع ذلك الفاسق المارق في الردى) انتهى كلامه.
ويؤكد هذا القول ان معاوية قد اصابته اللقوة سنة ٥٦ هـ وهي السنة التي اخذ فيها معاوية البيعة لولده يزيد.
وفي لسان العرب اللقوة : داء يكون في الوجه يعوج منه الشدق ، والشدق جانب الفم. (٢) قال الذهبي في معاوية (أصابته لقوة ، يعني بطل نصفه) اي تعطل نصف وجهه.
قال الزبيدي : واللَّقْوَةُ ، بالفتح : داءٌ في الوَجْهِ ؛ زادَ الأزْهرِي : يَعْوَجُّ منه الشِّدْق. وقالتِ الأطبَّاء : اللَّقْوةُ مَرَضٌ يَنْجذِبُ له شِقّ الوجْهِ إلى جهَةٍ غيْر طَبِيعِيَّة ولا يحسنُ الْتِقاء الشفَتَيْن ولا تَنْطَبِقُ إحْدَى العَيْنَيْن. (٣)
وقال الازهري : اللَّقْوَةُ أنْ يَتَعَوَّجَ وَجْهُهُ ولا يَقْدِرَ على تَغْمِيضِ إحْدَى عَيْنَيْهِ. (٤)
وقال ابن سيدة : اللقوة ، اضطراب شكل الوجه واعوجاجه ، وقد لقي. (٥)
وقال العلامة المجلسي : اللقوة ـ بالفتح والكسر ـ : علة ينجذب لها شق الوجه إلى جهة غير طبيعية ، فيخرج النفخة والبزقة من جانب واحد ، ولا يحسن التقاء الشفتين ، ولا تنطبق إحدى العينين. (٦)
__________________
(١) البلاذري احمد بن يحيى ، أنساب الأشراف ج ٥ ص ٢٨.
(٢) ابن منظور ، لسان العرب مادة لقو ، شدق.
(٣) الزبيدي ، تاريخ العروس ج ٢٠ ص ١٦١ ، مادة لقو.
(٤) عبد الملك الثعالبي النيسابوري ، فقه اللغة وسر العربية ص ١٢٧.
(٥) ابن سيده ، المخصص ، ج ٢ ق ٣ (السفر الثامن) ص ١٤٦.
(٦) المجلسي ، بحار الأنوار ج ٥٩ ص ٢٥٥ ، ويعرف الاطباء اللقوة بانها شلل العصب الوجهي المحيطي وهو شلل مفاجئ وحيد الجانب مجهول السبب في العصب القحفي السابع وتبدأ اعراض اللقوة