رايته ثماني وستّين ألفاً ومائتي رجل ، واستعدّ للمسير إلى الشام.
إستعدّ الإمام لمواجهة العدّو بالشام ، لكنّه فوجىء بما بلغ إليه من الناس أنّهم يقولون : لو سار الإمام بنا إلى هذه الحرورية فبدأنا بهم. فقام في الناس وحمدالله وأثنى عليه ، فأجاب دعوتهم خصوصاً بعد ما بلغ إليه أنّهم ذبحوا عبدالله بن خباب على ضفة النهر ، وبقروا بطن اُمّ ولده ، وهم على اُهْبَة الخروج ، وإليك تفصيله :
إنّ الخوارج اجتمعوا في منزل عبدالله بن وهب الراسبي ، فقال في خطبة له : أمّا بعد فوالله ماينبغي لقوم يؤمنون بالرحمن ، وينيبون إلى حكم القرآن ، أن تكون هذه الدنيا التي الرضا بها والركون إليها والايثار إيّاها عناءً وتباراً (١) آثر عندهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والقول بالحق و ... فاخرجوا بنا اخواننا من هذه القرية الظالم أهلها إلى بعض كور الجبال ، أو إلى بعض هذه المدائن ، منكرين لهذه البدع المضرّة. ثمّ خطب بعده ، حرقوص بن زهير وقال بمثل ماقال : وقال حمزة بن سنان الأسدي : يا قوم : إنّ الرأي ما رأيتم ، فولّوا أمركم رجلا منكم ، فإنّه لابدّ لكم من عماد وسناد ، وراية تحفّون بها ، وترجعون إليها ، فعرضوها على زيد بن حصين الطائي فأبى ، وعرضوها على حرقوص بن زهير فأبى ، وعلى حمزة بن سنان وشريح بن أوفى العبسي فأبيا ، وعرضوها على عبدالله بن وهب فقال : هاتوها ، أما والله لاآخذها رغبة في الدنيا ، ولاادعها فرقاً من الموت ، فبايعوه لعشر خلون من شوّال وكان يقال له ذوالثفنات.
ثم اجتمعوا في منزل شريح بن أوفى العبسي فقال ابن وهب : اشخصوا بنا إلى بلدة نجتمع فيها لإنفاذ حكم الله فإنّكم أهل الحق. قال شريح : نخرج
__________________
١ ـ التبار : الهلاك.