وهذا هو قريب بن مرّة وزحاف الطائي قد خرجا في امارة زياد بن أبيه فاعترضا الناس ، فلقيا شيخاً ناسكاً من بني ضبيعة فقتلاه ، فخرج رجل من بني قطيعة من الأزد وفي يده السيف ، فناداه الناس من ظهور البيوت : « الحرورية »!!!
انج بنفسك ، فنادوه (قريب وزحاف ومن معهما) : لسنا حرورية ، نحن الشرط ، فوقف فقتلوه ، ثمّ جعلا لا يمرّان بقبيلة إلاّ قتلا من وجدا حتى مرّا على بني علي بن سود من الأزد ، وكانوا رماة فرموهم رمياً شديداً ، فصاحوا : يا بني علي! البقيا! لارماء بيننا. قال رجل من بني علي :
لاشيء للقوم سوى السهام |
|
مشحوذة في غلس الظلام |
ففرّ عنهم الخوارج إلى ان واجهوا بنو طاحية من بني سود ، وقبائل من مزينة وغيرها ، ووقعت الحرب فقتل الخوارج عن آخرهم ، وقتل قريب وزحاف (١).
ما ذكرنا نماذج من استعراضهم للناس وقتلهم الأبرياء ، قبل قيام ابن الأزرق بالدعوة ، فإنّ ماذكرنا يرجع إلى عهد علي وما بعده بقليل ، وأمّا فتنة الأزارقة والنجدات فهي راجعة إلى عصر ابنه يزيد بن معاوية فهي من حوادث بعد الستين.
ثالثاً : إنّ تخصيص اسم الخوارج بالمتطرّفين منهم كالأزارقة والنجدات تخصيص بلاوجه ، فقد اُطلق هذا اللفظ في عصر عليّ على هؤلاء أي على عبدالله بن وهب الراسبي وذي الخويصرة ومن قتل معهما في وقعة النهروان :
هذا هو الإمام علي بن أبي طالب ـ بعد ما خرج من قتال الخوارج في ضفة النهر مرفوع الرأس ـ قال : لا تقاتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطاه
__________________
١ ـ المبرّد : الكامل ٢ / ١٨٠.