كمن طلب الباطل فأدركه (١). فلو كانت هذه الكلمة لعلي كما هوالمقطوع لكان دليلا على أنّ القوم في بدء نشوئهم كانوا مسمّين بهذا الاسم ، وإن كان لغيره فالظاهر أنّ ذلك الغير هو الموالي للخوارج بقرينة مدحهم في ذيل الجملة ، فكان شاهداً على أنّ القوم كانوا مسمّين بهذا الاسم منذ البداية.
ويظهر ممّا نظمه نفس الخوارج من الأشعار أنّ تسميتهم بها كان رائجاً في عصر معاوية أي قبل الستين وقبل أنّ يتسنّم الأزارقة والنجدات منصّة القيادة يقول عيسى بن فاتك من بني تميم تأييداً لموقف أبي بلال مرداس به ادية الذي قتل عام ٦٠ في أبيات :
أألفا مؤمن فيما زعمتم |
|
ويهزمهم بآسك أربعونا؟ |
كذبتم ليس ذاك كما زعمتم |
|
ولكن الخوارج مؤمنونا |
هم الفئة القليلة غير شكّ |
|
على الفئة الكثيرة ينصرونا (٢) |
ويُستنتج من ذلك الأمرين : أنّ الخوارج اُطلق يوم اُطلق على من خرج عن طاعة أمير المؤمنين وأنكروا التحكيم عليه من غير فرق بين أوائلهم ومن بعدهم.
رابعاً : لاشك إنّ المحكّمة الاُولى كانوا يبغضون عليّاً ويكفّرونه ، وتشهد بذلك كلماتهم واشعارهم خصوصاً في مفاوضاتهم مع عليّ ، وقد تضافرت الروايات أنّ حبّه آية الإيمان وبغضه آية النفاق ، ولايمكن لعالم ملّم بالأحاديث انكار ذلك.
هذا هو مسلم روى في صحيحه عن زر بن حبيش قال : قال عليّ : والذي
__________________
١ ـ الرضي : نهج البلاغة ، الخطبة ٦٠.
٢ ـ المبرّد : الكامل ٢ / ١٨٦ ، ابن سلاّم (م ٢٧٣) بدء الاسلام وشرائع الدين : ١١١ ، مرّت قصة أبي بلال.