المتولّي لامجرّد الداخل فيها وتقول : ( لا يصلاها إلاّ الأشقى * الَذِي كذّب وتولّى ) وذلك لأن قوله ( لاَيَصْلاها ) ، من قوله صلى الرجل النار ، يصلاها أي لزمها (١) وهي عبارة اُخرى عن الخلود في النار فالآية لاتدل إلاّ على أنّ الخلود في النار من خصائص الكافر المكذّب المتولّي وأمّا المؤمن الفاسق فخارج عن حدود ودلالة الآية.
هذا وربّما يستدلّ بالآية على قول المرجئة القائلة بالنار للكافرين دون المؤمنين ، وذلك لأنّه سبحانه يقول : لا يدخل النار إلاّ الكافر ، والمؤمن الفاسق ليس كافراً ، وأجاب عنه القاضي المعتزلي على ما نقل عنه : بأنّ (ناراً) نكرة في سياق الاثبات ، وانّما تعمّ النكرة في سياق النفي نحو قولك : ما في الدار رجل ، وغير ممتنع أن تكون في الآخرة نار مخصوصة لايصلاها إلاّ الذين كذبوا وتولّوا ويكون للفسّاق نار اُخرى غيرها (٢).
وأوضحه الطبرسي في مجمعه وقال : إنّه سبحانه نكّر النار المذكورة ولم يُعرّفْها ، فالمراد بذلك انّ ناراً من جملة النيران لايصلاها إلاّ من هذه حاله ، والنيران درجات على ما بينّه سبحانه في سورة النساء (٣) ، فمن أين عرف أنّ غير هذه النار لايصلاها قوم آخرون(٤).
ولكن الاستدلال والجواب مبنيان على أنّ « الصلي » بمعنى الدخول ولكنه غير صحيح لما عرفت من أنّه الدخول الملازم للبقاء.
أضف إلى ذلك : انّه لودلّ على أنّ النار مختصّة بالكافرين يلزم منه الاغراء بالمعاصي لأنّه بمنزلة أن يقول الله تعالى لمن صدّق بالله ورسوله ولم يكذّب
__________________
١ ـ يقال صلى فلاناً النار : أدخله إيّاها واثواه فيها.
٢ ـ ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة ٨ / ١١٥.
٣ ـ النساء : ١٤٥ : ( إِنَّ الْمُنَـفِقِينَ فِي الدَّرَكِ الاَْسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً ).
٤ ـ الطبرسي : مجمع البيان ٥ / ٥٠٢.