ولم يتولّ : أي معصية اقدمتَ عليها فلن يضرّك. وهذا هو الاغراء الّذي لايصدر من الحكيم.
على أنّه سبحانه يقول بعدها ( وسيُجَنَّبُها الأتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ) (١) ويحصر المجنّب عن النار في الأتقى ، ومعلوم أنّ الفاسق ليس بأتقى لأنّ « أتقى » مبالغة في التقوى ومن يرتكب عظائم الكبائر لايوصف بأنّه أتقى.
٦ ـ ( إِنَّ جَهَنَّمَ لَمـُحيطَةٌ بِالْكَـفِرِينَ ) (٢).
قالوا : والفاسق تحيط به جهنّم فوجب أن يكون كافراً.
يلاحظ عليه : أنّه من غرائب الاستدلالات ، فإنّه لم يقل سبحانه : وانّ جهنّم لاتحيط إلاّ بالكافرين ، حتّى يلزم أن يكون الفاسق من أقسام الكافر ، باعتبار كونها محيطة به أيضاً ولا يلزم من كونها محيطة بقوم ، ألاّ تحيط بقوم سواهم.
٧ ـ ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَـنِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ) (٣).
وجه الاستدلال : انّ الفاسق لايجوز أن يكون ممّن ابيضّت وجوههم ، فوجب أن يكون ممّن اسودّت واذا دخل فيه يكون كافراً لقوله : ( بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ).
يلاحظ عليه : أنّ الآية تخبر عن وجود صنفين : صنف تبيضّ وجوههم ، وصنف تسودّ وجوههم ، فالاوّل من سمات المؤمن الّذي لم يخالط إيمانه بإثم ، والثاني من سمات الكافر الّذي لم يؤمن بالله أو صفاته أو أفعاله ، في النبوّة
__________________
١ ـ الليل : ١٧ ـ ١٨.
٢ ـ التوبة : ٤٩.
٣ ـ آل عمران : ١٠٦.