والخاتميّة. وامّا انّه ليس هنا صنف ثالث ويحشرون بغير هاتين السمتين ، فلا تدلّ الآية عليه ، والمؤمن الّذي ركب الكبيرة هو من هذا القسم الثالث الّذي لم تتكفّل الآية ببيان حكمه.
والحاصل انّ الآية تبحث عن المؤمن الخاص ، والكافر المطلق ، وتذكر سماتهما وحالاتهما ، وامّا القسم الثالث فهو خارج عن تقسيم الآية ولعلّ له سمة وعلامة اُخرى غير بياض الوجه وسواده لم تذكرها الآية.
قال الطبرسي : استدلّت الخوارج بذلك على أنّ من ليس بمؤمن فلابد أن يكون كافراً فإنّ الله سبحانه قسّم الوجوه إلى هذين القسمين.
ولا تعلّق لهم به ، لأنّه سبحانه ذكر هنا قسمين من الوجوه متقابلين ، وجوه المؤمنين (غير العاصين) ووجوه الكفّار ، ولم يذكر وجوه الفسّاق من أهل الصلاة ، فيجوز أن يكون لها صفة اُخرى بأن يكون عليها غبرة لاتغشاها قترة أو يكون عليها صفرة أو لون آخر (١).
٨ ـ ( فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَـهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُل خَمْط وَأَثْل وَشَيْء مِّن سِدْر قَلِيل * ذَلِـكَ جَزَيْنَـهُم بِمَا كَفَرُواْ وَهَلْ نُجَـزِي إِلاَّ الْكَفُورَ ) (٢).
والفاسق لابد أن يجازى ، فوجب أن يكون كفوراً.
يلاحظ عليه : أنّ المراد من قوله ( وهلْ نُجزِي ) ليس مطلق المجازاة ، بل مجازاة الاستئصال ، والآية وردت في قصة أهل سبأ وهم استؤصلوا بالعقوبة ، فالمجازاة المقترنة بالاستئصال من خصائص الكفّار ، لاكل مجازاة.
__________________
١ ـ الطبرسي : مجمع البيان ٥ / ٤٤١.
٢ ـ سبأ : ١٦ ـ ١٧.