جميعها خمسمائة مصحف. قال أبوجعفر : ثمّ قام الطفيل بن أدهم حِيالَ علي وقام أبو شريح الجذامي حيال الميمنة ، وقام ورقاء بن المعمر حيال الميسرة ، ثمّ نادوا : .... يا معشر العرب ، الله الله في نسائكم وبناتكم ، فمن للروم والأتراك وأهل فارس غداً إذا فنيتم؟ الله الله في دينكم. هذا كتاب الله بيننا وبينكم. فقال علي : اللّهُمّ إنّك تعلم أنّهم ما الكتاب يريدون ، فاحكم بيننا وبينهم ، إنّك أنت الحكيم الحق المبين. فاختلف أصحاب عليّ في الرأي. فطائفة قالت : القتال ، وطائفة قالت : المحاكمة إلى الكتاب ، ولا يحلّ لنا الحرب وقد دُعِينا إلى حكم الكتاب. فعند ذلك بطلت الحروب ووضعت أوزارها ، فقال محمّد بن علي : فعند ذلك حكم الحكمان.
وقد أثّرت تلك المكيدة في همم كثير من جيش علي عليهالسلام حيث زعموا أنّ اللجوء إلى القرآن لأجل طلب الحق ولم يقفوا على أنّها مؤامرة ابن النابغة وقد تعلّم منه ابن أبي سفيان ، وأنّها كلمة حق يراد بها باطل وانّ الغاية القصوى منها ، هو إيجاد الشقاق والنفاق في جيش علي وتثبيط هممهم حتى تخمد نار الحرب التي كادت أن تنتهي لصالح علي وجيشه ، وهزيمة معاوية وناصريه.
ولكن الخديعة كانت قد وجدت لها طريقاً في جيش العراق حتى سمع من كل جانب : الموادعة إلى الصلح والنازل لحكم القرآن ، فلمّا رأى علي عليهالسلام تلك المكيدة وتأثيرها في السذّج من جيشه قام خطيباً وقال : « أيّها الناس إنّي أحقُّ مَنْ اجاب إلى كتاب الله ، ولكن معاوية وعمروبن العاص ، وابن أبي معيط وحبيب ابن مسْلمة ، وابن أبي سرح ، ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ، إنّي أعرف بهم منكم ، صحبتهم أطفالا وصحبتهم رجالا ، فكانوا شرّ أطفال وشرّ رجال ، إنّها كلمة حق يراد بها باطل : إنّهم والله ما رفعوها لأنّهم