سبحانه.
ثانياً : انّ هذا تحكيم للرجال في دين الله ، وهو يضادّ النصّ الصريح في الذكر الحكيم أعني قوله تعالى : ( اَن الحُكْم إلاّ لِلِّه ) وكلا الوجهين موجود ان في كلامهم يوم حاولوا فرض نقض الميثاق وطلبوه من علي عليهالسلام يقول ابن مزاحم : فنادت الخوارج في كلّ ناحية :
لا حكم إلاّ لله ، لا نرضى بأن يحكّم الرجال في دين الله.
قد أمضى الله حكمه في معاوية واصحابه أن يقتلوا أو يدخلوا في حكمنا عليهم(١).
ثالثاً : زعموا أنّ قبول التحكيم يستلزم أنّهم كانوا ضالّين في نضالهم وجهادهم ضد معاوية طيلة شهور ، ونتيجة ذلك أنّ ما ارُيقت منهم من الدماء ، وما قدموا في ذلك الطريق من الشهداء كانت على غير وجه الحق ولأجل ذلك لمّا قرأ الأشعث صحيفة الصلح على تميم ، قالوا : أتحكّمون الرجال في أمر الله لا حكم إلاّ لله ، فأين قتلانا يا أشعث (٢).
رابعاً : قالوا : إنّك نهيت عن الحكومة أوّلا ثم أمرت بها ثانياً ، فإن كانت قبيحة كنت بنهيك عنها مصيباً ، وبأمرك مخطئاً ، وإن كانت حسنة كنت بنهيك عنها مخطئاً وبأمرك بها مصيباً ، فلابد من خطئك على كلّ حال.
هذه الوجوه الأربعة ممّا اغترّ به القوم ، وأرادوا فرض نقض التحكيم والميثاق على علي عليهالسلام وهي تكشف عن بساطة القوم في المقام ، وإليك تحليل كل واحد من هذه الوجوه :
أمّا الوجه الأوّل :فإنّه وإن كان قد مضى حكم الله في معاوية وأصحابه أن
__________________
١ ـ نصر بن مزاحم : وقعة صفّين ٥٩٤.
٢ ـ نصر بن مزاحم : وقعة صفّين ٥٨٨.