ولا بدّ من الالتزام بهذا القول ، فليقف قبال القوم ، وليأت ببرهان ، مع أنّه ما عثرنا على برهان له إلّا ظواهر كلماتهم التي عرفتها ، والله العالم.
تنبيه : لا شبهة في رجحان الموالاة بمعنى المتابعة ولو لحسن الاحتياط ، خروجا من شبهة الخلاف ، فضلا عن رجحان المسارعة والاستباق إلى الطاعة ، فلو نذر التوالي في وضوئه ، ينعقد نذره ، ويحرم مخالفته ، فلو أخلّ بالمتابعة ، لا يترتّب عليه إلّا الكفّارة ، وأمّا بطلان الوضوء فلا.
وقد يتوهّم البطلان ، لكون المأتيّ به من حيث حصول مخالفة النذر به محرّما ، فلا يكون عبادة.
وفيه : أنّ المحرّم إنّما هو ترك المتابعة ، وهو خارج من ماهيّة الوضوء ، فلا يؤثّر في بطلانه.
وقد يتخيّل التفصيل ـ كما عن المدارك (١) ـ بين ما لو نذر المتابعة في الوضوء وأخلّ بها ، صحّ وضوؤه ، لما ذكرنا ، وبين ما لو كان المنذور هو الوضوء المتتابع فيه فيبطل ، لأنّ المأمور به في حقّ هذا الشخص هو الوضوء الخاصّ ، لتعيّنه بسبب النذر ، فالمأتيّ به مخالف لما وجب في حقّه ، ولا معنى للبطلان إلّا ذلك ، أعني مخالفة المأتيّ به للمأمور به.
وفيه : أنّ مخالفة المأتيّ به للمأمور به بالأمر النذري العارضي مسلّمة ، وهي لا تقتضي إلّا بطلانه من هذه الجهة ، وأمّا من حيث وقوعه امتثالا للأمر الأصلي المتعلّق بماهيّة الوضوء من حيث هي فلا ، بل المأتيّ به عين المأمور به ، والأمر يقتضي الإجزاء ، والأمر الأصلي والعارضي ليسا
__________________
(١) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ١٣٧ ، وانظر : مدارك الأحكام ١ : ٢٣١.