انحصار المدرك الصحيح للحكم فيما نحن فيه بصحيحة عبد الرحمن وصحيحة زرارة ، وأنكر دلالتهما على الكراهة ، وقال : مقتضى الاولى : استحباب الوضوء لمريد الأكل والشرب أو غسل اليد خاصّة ، ومقتضى الثانية : الأمر بغسل اليد والوجه والمضمضة ، وليس فيهما دلالة على كراهة الأكل والشرب بدون ذلك (١). انتهى.
توضيح ما فيه : أنّ المتبادر من قول القائل : «إذا أراد الجنب أن يأكل ويشرب ليغسل يده» ليس إلّا أنّ جواز الأكل مشروط بغسل اليد ، يعني لا يجوز الأكل بدون الغسل ، وعند قيام القرينة على عدم إرادة النهي الحقيقي يحمل على الكراهة.
هذا ، مع أنّه قدس سرّه لم يتعرّض لصحيحة الحلبي مع صحّتها واشتمالها على لفظ النهي الذي أقرب محامله الكراهة.
ثمّ إنّ المحكي (٢) عن ظاهر الأصحاب القول بزوال الكراهة بالأشياء المذكورة. وقد عرفت أنّ أقرب المحامل في مقام الجمع بين الأخبار هو القول بخفّتها بما عدا الوضوء من الأشياء المذكورة في الروايات. (و) هل (تخفّ الكراهة بالمضمضة والاستنشاق) من دون غسل اليدين كما في المتن؟ فيه إشكال ، لخلوّ الأخبار عن ذكرهما بالخصوص ، ولكنّه نقل عن ظاهر الغنية دعوى الإجماع عليه (٣).
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ٢٨٣ ـ ٢٨٤.
(٢) انظر : الحدائق الناضرة ٣ : ١٤٠.
(٣) حكاه عنها صاحب الجواهر فيها ٣ : ٦٥ ، وانظر : الغنية : ٣٧.