ما شاءا من القرآن ، فإنّه لا شبهة في شمولها لما أوجداها بقصد الأجر والثواب ، بل قد عرفت أنّه لا يبعد دعوى انصرافها إلى مثل الفرض ، لكونه هو المتعارف المعهود ، فيستفاد منها مشروعيّتها وكونها عبادة ، ولازم كونها عبادة رجحانها ذاتا ، فيمتنع حمل النهي المتعلّق بها على إرادة تركها لذاته ، لأنّ الأمر بترك الحسن ـ كالأمر بفعل القبيح ـ قبيح ، فوجب أن يكون المراد من النهي إمّا طلب الترك لا لذاته بل لأمر يلازمه ، فيكون المطلوب في الحقيقة إيجاد ذلك الأمر المجامع للترك ، أو يراد منه معنى آخر غير طلب الترك ، كالإرشاد إلى ما هو الأصلح بحال المكلّف ، أي الفرد الذي ثوابه أكثر. والثاني ـ مع مخالفته للأصل ـ قد عرفت عدم جواز إرادته من النهي المطلق في مثل ما نحن فيه ، فتعيّن الأوّل ، وهو المطلوب.
وما ذكرناه من أوجه المحامل في توجيه جلّ العبادات المكروهة بل كلّها ، وقد تقدّم مزيد توضيح وتحقيق لتوجيه العبادات المكروهة في مسألة الوضوء بالماء المشمّس ، فراجع (١). (و) منها : (مسّ المصحف) عدا الكتابة منه. وأمّا مسّ كتابته :فقد عرفت فيما سبق حرمته.
وعن المرتضى القول بالحرمة (٢) ، لقوله تعالى (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (٣).
__________________
(١) ج ١ ص ٢٩٢ وما بعدها.
(٢) حكاه المحقّق في المعتبر ١ : ١٩٠ عن السيّد في مصباحه.
(٣) سورة الواقعة ٥٦ : ٧٩.