حال كفره (فإذا أسلم ، وجب عليه) الغسل لصلاته ونحوها (وصحّ منه) حينئذ ، كما هو ظاهر ، بل لا ينبغي الارتياب في وجوب الغسل عليه بعد أن أسلم وإن لم نقل بكونه مكلّفا به حال كفره ، إذ غايته أنّه يكون كالنائم والمغمى عليه وغيرهما ممّن لا يكون مكلّفا حين حدوث سبب الجنابة ولكنّه يندرج في موضوع الخطاب بعد اجتماع شرائط التكليف ، فيعمّه قوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (١) وقوله عليهالسلام : «إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور» (٢).
ولا ينافي ذلك ما ورد من أنّ «الإسلام يجبّ ما قبله» (٣) لأنّ وجوب الغسل لصلاته بعد أن أسلم من الأمور اللاحقة ، فلا يجبّه الإسلام.
وحدوث سببه قبله لا يجدي ، لأنّ الإسلام إنّما يجعل الأفعال والتروك الصادرة منه في زمان كفره في معصية الله تعالى كأن لم تكن ، لا أنّ الأشياء الصادرة منه حال كفره ترتفع آثارها الوضعيّة خصوصا إذا لم يكن صدورها على وجه غير محرّم ، كما لو بال أو احتلم ، فإنّه كما لا ترتفع نجاسة ثوبه وبدنه المتلوّث بهما بسبب الإسلام كذلك لا ترتفع الحالة المانعة من الصلاة ، الحادثة بسببهما خصوصا لو لم نقل بأنّ الآثار الوضعيّة من المجعولات الشرعيّة ، كما هو التحقيق ، وإنّما هي أمور واقعيّة كشف عنها الشارع ، أو انتزاعيّة من الأحكام التكليفيّة ، فكون من خرج منه
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٦.
(٢) التهذيب ٢ : ١٤٠ ـ ٥٤٦ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.
(٣) أورده الماوردي في الحاوي الكبير ١٤ : ٣١٣.