وأمّا بملاحظة ما ورد في تفسيرها : فقد عرفت أنّ الأخبار الواردة في تفسيرها متعارضة ، حيث إنّ مفاد الطائفة الأولى ـ التي هي أصرح في كونها مسوقة لبيان تفسير الآية ـ النهي عن أن يجعل لله تعالى شريكا في المعبودية ، ومفاد الأخبار الأخيرة : النهي عن أن يجعل لنفسه شريكا في عبادة الله تعالى ، وهما معنيان لا يمكن إرادتهما في عبارة واحدة ، لعدم الجامع بينهما ، مع ما عرفت في الطائفة الأخيرة من كونها محمولة على الكراهة على ما يشهد به القرائن الكثيرة المستفادة من نفس الأخبار ، فضلا عن الإجماع المدّعى على عدم الحرمة في الاستعانة بمقدّمات الوضوء.
ولعلّ الاستشهاد بالآية في هذه الأخبار المستفيضة إنّما هو بملاحظة ما أريد من الآية على وجه الكناية بضرب من التأويل من دون أن يكون مقصودا من اللفظ بحيث يكون اللفظ مستعملا فيه حتى يلزم محذور استعمال اللفظ في معنيين ، فتكون الأخبار السابقة تفسيرا لما أريد منها بمدلولها اللفظي ، كما هو صريح موردها ، وهذه الأخبار إشارة إلى ما أريد منها على وجه الكناية ، والله العالم. (و) ليعلم أنّ ما ذكرناه من أنّ مقتضى الإجماع وظواهر الأدلّة : أنّه لا (يجوز) أن يتولّى وضوءه غيره إنّما هو مع الاختيار ، وأمّا (مع (١) الاضطرار) فيجوز إجماعا ، كما عن غير واحد نقله ، بل وقاعدة أيضا ، لأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور.
والمناقشة فيها : بما عرفت فيما سبق ، مدفوعة : بما عرفت ،
__________________
(١) في الشرائع : عند.