وما يقال من أنّ وضوء عليّ عليهالسلام لم يكن إلّا مرّة ، كما دلّ عليه رواية عبد الكريم ، المتقدّمة (١) ، فتدلّ هذه الرواية على عدم جواز التثنية ، ففيه : أنّ المشار إليه بقوله عليهالسلام : «هذا وضوء من لم يحدث» ليس الوضوء الشخصي بخصوصيّاته المشخّصة ، بل الظاهر أنّه عليهالسلام لمّا مسح على رجليه في النعلين ولم يغسل رجليه ، كما تصنعه العامّة ، قال عليهالسلام تعريضا عليهم : «هذا وضوء من لم يحدث» أي : من لم يتعدّ حدود الله.
وبما ذكرنا ظهر لك الجواب عن معارضة الأخبار المتقدّمة برواية حمّاد بن عثمان ، قال : كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليهالسلام ، فدعا بماء فملأ به كفّه فعمّ به وجهه ، ثمّ ملأ كفّه فعمّ به يده اليمنى ، ثمّ ملأ كفّه فعمّ به يده اليسرى ، ثمّ مسح على رأسه ورجليه ، وقال : «هذا وضوء من لم يحدث حدثا» يعني به التعدّي في الوضوء (٢).
توضيح الجواب ـ مضافا إلى حكومة الأدلّة المتقدّمة على مثل هذه الأخبار ـ أنّ المقصود بالإشارة غير معلوم ، لاحتمال إرادة الوضوء مع مسح الرّجل ، أو الغسل من الأعلى إلى الأسفل.
وكيف كان ، فلا يصلح مثل هذه الأدلّة للمعارضة مع الأخبار المتقدّمة ، كما هو ظاهر ، فظهر لك : أنّ الأقوى استحباب الغسلة الثانية. (و) أمّا (الثالثة) فهي (بدعة) فيأثم فاعلها لو أتى بها بقصد المشروعيّة ، وأمّا لو لم يقصد بها الشرعيّة ، فلا إثم ولكنّه يبطل وضوؤه لو
__________________
(١) في ص ٤٤.
(٢) الكافي ٣ : ٢٧ ـ ٨ ، الوسائل ، الباب ٣١ من أبواب الوضوء ، الحديث ٨.