وحلّه : أنّ كلّ من يسلم بحكم عقله بديهة بأنّه يجب عليه أن يتعلّم أحكام المسلمين والعمل بها ، فإذا رجع إلى المعلّم ، يرشده إلى شرائع الإسلام ، ويعرّفه أحكام صلاته وصومه ، ويبيّن له أنّه إن كان جنبا فليتطهّر ، وإلّا فليتوضّأ وليغسل ثوبه وبدنه عن النجاسات عند الصلاة ، وأوانيه عند الاستعمال فيما هو مشروط بطهارتها ، إلى غير ذلك ممّا هو مقرّر في شريعة الإسلام ، ولا يجب أمره بهذه الأمور مفصّلا عند إسلامه ، كما هو ظاهر.
هذا ، مع أنّه روي : أمر النبي صلىاللهعليهوآله بالغسل بعض من أسلم عند إرادة إسلامه (١) ، بل ربما يظهر من بعض الأخبار (٢) أنّ الغسل عند إرادة الإسلام كان معروفا عندهم ، فلعلّه كان هذا الغسل ـ كغسل الجنابة ـ مجزئا عن كلّ غسل وإن كان إثباته محتاجا إلى الدليل ، والله العالم.
السادس : اختصاص الخطاب القرآني بـ (الَّذِينَ آمَنُوا) ، وورود (يا أَيُّهَا النّاسُ) في بعض ـ وهو الأقلّ ـ يحمل على المؤمنين حملا للمطلق على المقيّد والعامّ على الخاصّ ، كما هو القاعدة المسلّمة بينهم.
أقول : إنّ هذا النحو من التقييد والحمل منه (٣) لعجيب.
فقد اتّضح لك أنّ الكافر مكلّف بالغسل ، ولكنّه لا يصحّ منه في
__________________
(١) سنن أبي داود ١ : ٩٨ ـ ٣٥٥ ، سنن النسائي ١ : ١٠٩ ، مسند أحمد ٥ : ٦١.
(٢) انظر : صحيح البخاري ١ : ١٢٥ ، وسنن النسائي ١ : ١٠٩ ـ ١١٠ ، والمغني ١ :٢٤٠ ، والشرح الكبير ١ : ٢٣٨.
(٣) أي من البحراني في حدائقه ٣ : ٤٢ ـ ٤٣.