هذا كلّه في الواجبات المتزاحمة ، وأمّا المستحبّات المتزاحمة فلا شبهة في صحّة غير الأهمّ منها ومشروعيّته ، واستحقاق الأجر بفعله ، لأنّ ترك الأهمّ جائز له ، فلا منشأ لتوهّم عدم جواز إيجاد ما يضادّه من الأفعال المستحبّة لتحصيل مصلحتها واستحقاق الأجر بها عند اختياره ترك الأهم.
ولا يهمّنا ـ بعد قضاء ضرورة العقل والشرع والعرف برجحان العبادات المستحبّة ومشروعيّتها ـ التعرّض لتصوير كيفيّة تعلّق طلب الشارع بها من أنّه هل هو على وجه الترتّب أو أنّ الأوامر المتعلّقة بجميع المستحبّات مطلقة ولكنّ العقل يقيّد كلّا من تلك الأوامر بعدم إرادة ما يضادّه ، فينتزع من المجموع أمرا شرعيّا تخييريّا متعلّقا بالمجموع ، فيكون الأهمّ أفضل أفراد الواجب التخييري ، أو أنّ الطلب الشرعي لا يتعلّق إلّا بالأهمّ ، وإنّما يصحّ ما عداه ، لوجود مناط الطلب ، لا لوجود الأمر بالفعل ، إلى غير ذلك من التوجيهات ، وإنّما المهمّ في المقام بيان أنّ ما نحن فيه من هذا القبيل وأنّ القراءة مستحبّة في حقّ الجنب والحائض وغيرهما ولكن تركها منهما ملزوم لعنوان وجوديّ راجح تكون مراعاته أهمّ في نظر الشارع وإن لم نعرف ذلك العنوان تفصيلا.
ولا يبعد أن يكون المقصود تعظيم القرآن واحترامه الذي يحصل بمجانبة الجنب والحائض عند ترك القراءة.
وأمّا استحبابها في حقّهما فيدلّ عليه ـ مضافا إلى عمومات الأمر بالقراءة ـ خصوص الأخبار المعتبرة المتقدّمة الدالّة على جواز قراءة