النهي عن الخروج ليس إلّا الأمر بالبقاء ، لا بمعنى أنّ النهي استعمل في معنى مجازي ، بل بمعنى أنّ الترك الذي تعلّق به الطلب لم يتعلّق القصد به إلّا باعتبار ملزومه الذي هو البقاء في الدار ، فالمأمور به إنّما هو ذلك الملزوم لا الترك الذي تعلّق به الطلب صورة ، وقد تقرّر في محلّه أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه بحيث يكون محرّما ، فلا يلزم من الأمر بالخروج في مثل الفرض اجتماع الأمر والنهي ، بل المانع من الطلب قبح الأمر بالمتضادّين ، لتعذّر الامتثال.
ولكن وقع الكلام في مثل المقام في أنّه هل يعقل تعلّق الطلب بالضدّ الغير الأهمّ ـ الذي هو الخروج لقضاء الحاجة المهمّة في المثال ـ مرتّبا على ترك الأهمّ بأن قال المولى : إن كنت لا تمتثلني في الأمر بالبقاء فاخرج بهذه الكيفيّة أو لقضاء هذه الحاجة؟
فإن صحّحناه ـ كما هو الأصحّ ـ فلا مانع بعد صدور هذا الأمر من أن يخرج بالكيفيّة الخاصّة بقصد امتثال هذا الأمر ، فيثاب عليه وإن كان يعاقب على ترك امتثال الأهمّ. وبهذا يتوجّه صحّة العبادات الموسّعة عند اشتغال الذمّة بواجب مضيّق.
وإن منعناه ، فيشكل تصحيح العبادات الموسّعة في الفرض ، لتوقّف صحّتها على الأمر بها ، وهو منتف على تقدير بطلان الترتّب.
ولكنّه ربما يلتزم القائل بالبطلان بصحّة العبادات بناء منه على كفاية مناط الطلب وحسن الفعل في صحّة العبادة وإن لم يتعلّق به طلب لأجل وجود المانع.