اقتصادية وإنشاء شركات تجارية أو مؤسّسات صناعية ، مشتركة بين المسلمين وغيرهم ، وقد تقتضي المصلحة غير ذلك. ومن هذا الباب حكم الإمام المغفور له ، الفقيه المجدّد السيد الشيرازي بتحريم التدخين ليمنع من تنفيذ الاتّفاقية الاقتصادية التي عقدت في زمانه بين إيران وانجلترا ، إذ كانت مجحفة بحقوق الأُمّة المسلمة الإيرانية ، لأنّها خوّلت لانجلترا حقّ احتكار التنباك الإيراني.
٣. الدفاع عن بيضة الإسلام وحفظ استقلال البلاد وصيانة حدودها من الأعداء ، قانون ثابت لا يتغيّر ، فالمقصد الأسنى لمشرّع الإسلام ، إنّما هو صيانة السيادة من خطر الأعداء وأضرارهم ، ولأجل ذلك أوجب تحصيل قوة ضاربة ، وإعداد جيش عارم جرّار ، ضدّ الأعداء كما يقول سبحانه : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) (١) ، فهذا هو الأصل الثابت في الإسلام الذي يؤيده العقل والفطرة ، أمّا كيفيّة الدفاع وتكتيكه ونوع السلاح ، أو لزوم الخدمة العسكرية وعدمه ، فكلّها موكولة إلى مقتضيات الزمان ، تتغيّر بتغيّره ، ولكن في إطار القوانين العامة ، فليس هناك في الإسلام أصل ثابت ، حتى مسألة لزوم التجنيد الإجباري ، الذي أصبح من الأُمور الأصلية في غالب البلاد.
وما نرى في الكتب الفقهية من تبويب باب أو وضع كتاب خاص ، لأحكام السبق والرماية ، وغيرها من أنواع الفروسية التي كانت متعارفة في الأزمنة الغابرة ، ونقل أحاديث في ذلك الباب عن الرسول الأكرم ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وأئمّة الإسلام فليست أحكامها أصلية ثابتة في الإسلام ، دعا إليها الشارع بصورة أساسية ثابتة ، بل كانت نوعاً من أنواع التطبيق لذلك الحكم ، الغرض منه تحصيل القوّة الكافية تجاه العدو في تلك العصور ، وأمّا الأحكام التي ينبغي أن تطبّق في العصر الحاضر ، فإنّها
__________________
(١) الأنفال : ٦٠.