«من أسلم منهم وأقام الصلاة وآتى الزكاة وأطاع الله ورسوله وأعطى من الغنائم الخمس». (١)
إيضاح الاستدلال بهذه المكاتيب
يتبيّن ـ بجلاء ـ من هذه الرسائل أنّ النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لم يكن يطلب منهم أن يدفعوا خمس غنائم الحرب التي اشتركوا فيها ، بل كان يطلب ما استحقّ في أموالهم من خمس وصدقة.
ثم إنّه كان يطلب منهم الخمس دون أن يشترط ـ في ذلك ـ خوض الحرب واكتساب الغنائم.
هذا مضافاً إلى أنّ الحاكم الإسلامي أو نائبه هما اللّذان يليان بعد الفتح قبض جميع غنائم الحرب وتقسيمها بعد استخراج الخمس منها ، ولا يَملِك أحد من الغزاة عدا سلب القتيل شيئاً ممّا سلب وإلاّ كان سارقاً مغلاّ.
فإذا كان إعلان الحرب وإخراج خمس الغنائم على عهد النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ من شئون النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فما ذا يعني طلبه الخمس من الناس وتأكيده في كتاب بعد كتاب ، وفي عهد بعد عهد؟
فيتبيّن أنّ ما كان يطلبه لم يكن مرتبطاً بغنائم الحرب. هذا مضافاً إلى أنّه لا يمكن أن يقال : إنّ المراد بالغنيمة في هذه الرسائل هو ما كان يحصل الناس عليه في الجاهلية عن طريق النهب ، كيف وقد نهى النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عن النهب والنهبى بشدّة ، ففي كتاب الفتن باب النهي عن النُّهبة عنه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ :
__________________
(١) الطبقات الكبرى : ١ / ٢٧١.