السنة المحمدية : إنّ رابطة الأُسرة التي وثّقها الله برباط الزوجية وهَتْ وكادت أن تنفصم عروتها ، بلى قد انفصمت في كثير من الطبقات وكان منشأ ذلك ، ما استنّه الناس في الزواج من سنن سيئة وما شدّد الفقهاء قديماً وحديثاً في الطلاق حتّى جعلوه أشبه بالعبث واللعب (١) أو بالآصار والأغلال ، وكم لمست فيما عرض لي في حياتي الوعظية ، شقاء كثير من الأزواج الذين أوقعهم سوء حظهم في مشكل من مشاكل الطلاق فيطلبون حلها عند أحد أُولئك الجامدين فلا يزيدها إلاّ تعقيداً. (٢)
وليس الفقّي هو المشتكي الوحيد من إغلاق باب الاجتهاد ، والتعبّد بحرفية المذاهب الأربعة ، بل هو أحد مَن ضم صوته إلى صوت أحمد محمد شاكر عضو المحكمة العليا الشرعية حيث لمس خطورة الموقف ، التي سبّبت إحلال القوانين الوضعية مكان الأحكام الإسلامية.
قال : كان والدي : الشيخ محمد شاكر كاتب الفتوى لدى شيخه الشيخ محمد العباس المهدي مفتي الديار المصرية ـ رحمهالله ـ فجاءت امرأة شابة ، حُكم على زوجها بالسجن مدّة طويلة ، وهي تخشى الفتنة وتريد عرض أمرها على المفتي يرى لها رأياً في الطلاق من زوجها لتتزوج من غيره ، وليس في مذهب الإمام أبي حنيفة حلٌّ لمثل هذه المعضلة إلاّ الصبر والانتظار فصرفها الوالد معتذراً آسفاً متألِّماً.
ثمّ عرض الأمر على شيخه المفتي ، واقترح عليه اقتباس بعض الأحكام من
__________________
(١) يقف على صدق هذا ، من طالع مبحث الحلف بالطلاق في الكتب الفقهية التي تعبر عنه بالطلاق غير المعتبر ، حيث أصبح الطلاق أُلعوبة بيد الزوج.
(٢) مقدّمة «نظام الطلاق في الإسلام» : ٦.