فإنّ هذه الروايات لا مساس لها بحجّية الإجماع ، وإنّما الغاية منها الدعوة إلى الأُلفة والتجمع ، نظير قوله «اتّبعوا السواد الأعظم فانّه من شذّ شذّ في النار». (١)
والمهم في المقام ما استندوا عليه من قوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «لا تجتمع أُمّتي على الخطأ».
وقد ألّفنا رسالة في بيان حال الحديث وأوضحنا انّ أكثرها ضعيف ، وعلى فرض صحة السند فهو خبر غير متواتر فلا يفيد العلم ، ومعه لا يمكن أن يحتج به على مسألة أُصولية. (٢)
يقول الطوفي في رسالته : إنّ هذا الخبر وإن تعدّدت ألفاظه ورواياته لا نسلم انّه بلغ رتبة التواتر المعنوي ، لأنّه إذا عرضنا هذا الخبر على أذهاننا ، وسخاء حاتم وشجاعة علي ونحوهما من المتواترات المعنوية ، وجدناها قاطعة بثبوت الرأي الثاني غير قاطعة بالأوّل ، فهو إذن في القوة دون سخاء حاتم وشجاعة علي ، وهما متواتران ، وما دون المتواتر ليس بمتواتر ، فهذا الخبر ليس بمتواتر لكنّه في غاية الاستفاضة. (٣)
وقال تاج الدين السبكي (المتوفّى ٧٧١ ه) : أمّا الحديث فلا أشك انّه اليوم غير متواتر ، بل لا يصحّ ، أعني : لم يصحّ منه طريق على السبيل الذي يرتضيه جهابذة الحفاظ ، ولكنّي أعتقد صحّة القدر المشترك من كلّ طرقه ، والأغلب على الظن انّه «عدم اجتماعها عن الخطأ». (٤)
هذا كلّه حول سندها وأمّا الدلالة ففيها :
__________________
(١) مستدرك الحاكم : ١ / ١١٥.
(٢) نشرت الرسالة في مصادر الفقه الإسلامي : ١٤٧ ـ ١٦٠.
(٣) مصادر التشريع الإسلامي ، رسالة الطوفي : ١٠٥.
(٤) رفع الحاجب عن ابن الحاجب : ورقة ١٧٦ ب ، المخطوط في الأزهر.