فإذا كان الموضوع هو نفس الفعل ولا دور لأي قيد في وصفه بأحدهما فيكون حكمه بالحسن أو القبح وبالتالي : وجوب إتيان الأوّل ، وترك الثاني ، حكماً عامّاً يحكي عن كونه كذلك عند الواجب والممكن فيستكشف من حسن الفعل وجوبه ، ومن قبحه ، حرمته ، وبذلك يُصبح العقل من منابع التشريع ومصادره في إطار خاص ، أي إطار إدراك العقل حسن الأفعال وقبحها.
الآثار المترتبة على التحسين والتقبيح
تحتل مسألة التحسين والتقبيح العقليين مكانة مرموقة في المعارف والعقائد والتشريع والأحكام ، ونذكر شيئاً من آثارهما ممّا يتعلق بباب التشريع ونترك ما يرجع إلى باب العقائد والمعارف :
أ. أصالة البراءة من التكليف
إذا شكّ الإنسان في وجوب شيء أو حرمته ، وفحص عن مظان التكليف فحصاً كاملاً فلم يعثر على بيان الشارع ، فالعقل عندئذ يستقل بقبح العقاب بلا بيان ، وانّه لو كان في الواقع واجباً أو حراماً والعبد تركه أو ارتكبه ، لا يكون معاقباً فانّ عقابه عقاب بلا بيان وهو قبيح بحكم العقل لا يصدر من الله الحكيم.
وعلى ضوء ذلك بنوا أصالة البراءة في عامة الشبهات شريطة أن لا يكون الشكّ مقترناً بالعلم الإجمالي.