من النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فكان عمله أشبه بالبدعة وإدخال شيء في الدين ما لم يأذن به الله؟! ومعاذ أجلَّ من أن لا يعرف حد البدعة والسنّة ويدخل في الصلاة مع النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وقد سبقه النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ثمّ يقضي ما فاته.
وأنت إذا تصفّحت الصحاح والمسانيد تعثر على نماذج كثيرة لهذا النوع من التشريع.
عود إلى بدء
قد تقدّم في صدر البحث انّ مغزى القول بحجيّة مذهب الصحابي إلى حكاية قول الرسول بقرينة انّهم يشترطون في حجية قوله : «كونه مخالفاً للقياس» دون ما إذا كان موافقاً له.
ولكن الظاهر من الشاطبي في موافقاته انّ سنّة الصحابة سنّة يعمل بها ويرجع إليها ، واستدلّ على ذلك بوجوه أربعة لا يستدلّ بها إلاّ من أعوزه الدليل مع الرغبة الأكيدة إلى إثبات المدّعى ، قال :
أحدها : ثناء الله عليهم من غير مثنوية ، مدحهم بالعدالة وما يرجع إليها ، كقوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (١) وقوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً). (٢) ففي الأُولى إثبات الأفضلية على سائر الأُمم ، وذلك يقضي باستقامتهم في كلّ حال ، وجريان أحوالهم على الموافقة دون المخالفة ؛ وفي الثانية إثبات العدالة مطلقاً ، وذلك يدلّ على ما دلّت عليه الأُولى.
يلاحظ على الآية الأُولى : أنّها بمعزل عن الدلالة على «استقامتهم على كلّ
__________________
(١) آل عمران : ١١٠.
(٢) البقرة : ١٤٣.