٥. اجتهاد الشيعة اجتهاد مطلق
إنّ اجتهاد فقهاء الشيعة من أوّل يومهم ، اجتهاد مطلق ، وكلّ مجتهد ، يجتهد حسب الميزان والمنهاج الذي انتخبه.
لكن يظهر من الشيخ أبي زهرة انّ اجتهاد الشيعة ، من قبل الاجتهاد المنتسب (الاجتهاد في مذهب خاص) ، وذلك لأنّ اجتهادهم حسب ما رسمت لهم المناهج من بيان أحكام النسخ والعموم ، وطريق الاستنباط والتعارض بين الأخبار وحكم العقل وإن لم يكن نصّ ، وكلّ هذا يقتضي أن يطبق في اجتهاده ، لا أن يرسم ويخطِّط ، فهو يسير في اجتهاده على خط مرسوم لا يعدوه ولا يبتعد عنه يمنة ولا يسرة ، وبهذا النظر يكون في درجة المجتهد المنتسب. (١)
يلاحظ عليه بأمرين :
أوّلاً : أنّ قسماً من الخطط التي يسر عليها مجتهد الشيعة ومستنبطهم ، أمر حصّله من الكتاب والسنّة النبوية القطعية والسيرة المستمرة إلى عهد الرسول والعقل الحاسم إلى غير ذلك من الأُمور التي تكون السنة والشيعة أمامها سواء.
وثانياً : أنّ الخطط الكلّية التي أخذوها عن أئمّة أهل البيت انّما وصلت إليهم عن النبي ، فهم حفظة سنّة النبي وعيبة علمه ، وأعدال الكتاب وقرناؤه ، معصومون من الضلال والخطأ كنفس القرآن من دون أن يكونوا أنبياء ، وهم يصدرون من عين صافية ، لا كدر فيها ، ومن أخذ عنهم فقد صدر أيضاً عن عين صافية. غير أنّ أبا زهرة زعم انّ أئمّة أهل البيت ، مجتهدون كالأئمّة الأربعة أو غيرهم ، لهم آراء وتفكّرات ، شأن كلّ عالم مفكّر ، ورتّب على ذلك بأنّ اجتهاد فقهاء
__________________
(١) الإمام الصادق ـ عليهالسلام ـ : ٥٤٠.