ومن عجيب الأمر حمل الأمر على الإشهاد في الآية على الندب قال الآلوسي : وأشهدوا ذوي عدل منكم عند الرجعة إن اخترتموها أو الفرقة (أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) إن اخترتموها تبرياً عن الريبة وقطعاً للنزاع ، وهذا أمر ندب كما في قوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) وقال الشافعي في القديم : إنّه للوجوب في الرجعة. (١)
يلاحظ عليه : بأنّ المتبادر من الأمر هو الوجوب ، وقد قلنا في محلّه : إنّ الأصل المقرر عند العقلاء الذي أنفذه الشارع هو «انّ أمر المولى لا يترك بلا جواب» والجواب إمّا العمل بالأمر أو قيام الدليل على كونه مندوباً ، وعلى ضوء ذلك فالأمر في المقام للوجوب خصوصاً بالنسبة إلى حكمة التشريع الذي ذكره وهو قوله تبرياً عن الريبة وقطعاً للنزاع.
وأمّا قوله سبحانه : (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) فقد اتّفقت الأُمّة على كون الإشهاد عند البيع أمراً مندوباً.
ثمّ إنّ الشيخ أحمد محمد شاكر ، القاضي الشرعي بمصر كتب كتاباً حول «نظام الطلاق في الإسلام» وأهدى نسخة منه مشفوعة برسالة إلى العلامة الكبير الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وكتب إليه : إنّني ذهبت إلى اشتراط حضور شاهدين حين الطلاق ، وإنّه إذا حصل الطلاق في غير حضرة الشاهدين لم يكن طلاقاً ولم يعتد به ، وهذا القول وإن كان مخالفاً للمذاهب الأربعة المعروفة إلاّ أنّه يؤيّده الدليل ويوافق مذهب أئمّة أهل البيت والشيعة الإمامية.
وذهبتُ أيضاً إلى اشتراط حضور شاهدين حين المراجعة ، وهو يوافق أحد القولين للإمام الشافعي ويخالف مذهب أهل البيت والشيعة ، واستغربت (٢) من
__________________
(١) روح المعاني : ٢٨ / ١٣٤.
(٢) مرّ نصّ كلامه حيث قال : والتفريق بينهما غريب.