إلى غير ذلك من الروايات الحاكية عن ذلك.
وعلى ضوء هذه الأحاديث ، اتّفقت الشيعة الإمامية على أنّ لله سبحانه في كلّ واقعة حكماً بيّنه الرسول مباشرة أو عن طريق خلفائه ، والمجتهد إمّا مصيب أو مخطئ ، فلذلك عرفت بالمخطئة أي لا يصوّبون آراء المجتهدين عامة في كلّ مسألة ، بل المصيب واحد وغيره مخطئ.
هذا ما لدى الشيعة ، وأمّا السنّة فقد اشتهروا بالتصويب فنقول :
لو ورد النصّ في حكم واقعة خاصة يبيّن حكمها فلا أظنّ أنّ أحداً يصف المجتهد بالتصويب ، بل المصيب واحد ، وغيره مخطئ.
فمسألة التصويب مختصّة بما إذا لم يكن في الواقعة نصّ ، كما نصّ به الغزالي في «المستصفى» وقسّم المصوبة إلى قسمين : أحدهما للأشاعرة والآخر لغيرهم.
يقول : إنّه ليس في الواقعة التي لا نصّ فيها حكم معيّن يُطلب بالظن ، بل الحكم يتبع الظن ، وحكم الله تعالى على كلّ مجتهد ما غلب على ظنه ، وهو المختار ، وإليه ذهب القاضي [الباقلاني].
وذهب قوم من المصوبة إلى أنّ في تلك الواقعة حكماً معيناً يتوجه إليه الطلب ، إذ لا بدّ للطلب من مطلوب ، لكن لم يكلف المجتهد إصابتَه ، فلذلك كان مصيباً وإن أخطأ ذلك الحكم المعيّن الذي لم يؤمر بإصابته. (١)
وربما ينسب القول الثاني في كتب الأُصول (٢) إلى المعتزلة ، ويظهر من الغزالي فيما يأتي انّه خيرة الشافعي.
وإنّما عدل صاحب القول الثاني عن تصويب الأشاعرة ، لأجل توجّه الدور
__________________
(١) المستصفى : ٢ / ١٠٩.
(٢) فوائد الأُصول للكاظمي : ١ / ٢٥٢.