عقوبتهم بإمضائه عليهم ليعلموا أنّ أحدهم إذا أوقعه جملة بانت منه المرأة ، وحرّمت عليه ، حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة ، يراد للدوام لا نكاح تحليل ، فإذا علموا ذلك كفّوا عن الطلاق المحرَّم ، فرأى عمر أنّ هذا مصلحة لهم في زمانه ، ورأى أنّ ما كانوا عليه في عهد النبيّ وعهد الصديق ، وصدراً من خلافته كان الأليق بهم ، لأنّهم لم يتابعوا فيه وكانوا يتّقون الله في الطلاق ، وقد جعل الله لكلّ من اتّقاه مخرجاً ، فلمّا تركوا تقوى الله وتلاعبوا بكتاب الله وطلّقوا على غير ما شرّعه الله ألزمهم بما التزموه عقوبة لهم فإنّ الله شرّع الطلاق مرّة بعد مرّة ، ولم يشرّعه كلّه مرّة واحدة. (١)
وبما ذكرنا حول كلام أحمد محمد شاكر يعلم ضعفه فلا نعيد.
٣. تنفيذ الطلاق ثلاثاً للحد من الكذب
وربما يقال في تبرير فعل الخليفة الثاني هو وجود الفرق بين عصر رسول الله وعصر الخليفة ، ففي عصر رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كان الناس في صلاح وفلاح ، وإذا قالوا : أردنا من قولنا : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ، التكرير يؤخذ بقولهم ، بخلاف عصر الخليفة ، فقد فشا في عصره الفساد والكذب فكانوا يعتذرون بنفس ما كانت الصحابة يعتذرون به ، وبما انّ قسماً كثيراً منهم يكذبون في قولهم ، بالتأكيد لم يجد الخليفة بداً من الأخذ بظاهر كلامهم وهو الطلاق ثلاثاً.
وهذا الوجه نقله الشوكاني ، فقال : إنّ الناس كانوا في عهد رسول الله وعهد أبي بكر على صدقهم وسلامتهم وقصدهم في الغالب الفضيلة والاختيار لم يظهر فيهم خب ولا خداع ، وكانوا يصدقون في إرادة التوكيد ، فلمّا رأى عمر في زمانه
__________________
(١) اعلام الموقعين : ٣ / ٣٦.